يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يستمتع باستخدام نفوذه السياسي لجمع الأموال عبر بوابة العملات الرقمية المشفّرة. فقد أعلن عن تنظيم عشاءين فاخرين خلال شهر مايو، أحدهما موجّه للمتبرعين السياسيين الأثرياء، والآخر يستهدف أثرياء عملات الميم، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بين المراقبين.
الفعالية الأولى، التي يُنتظر أن تُقام يوم الإثنين، تُعدّ من بين أغلى موائد جمع التبرعات في الذاكرة السياسية الأمريكية، حيث يُقدّر سعر المقعد الواحد بمليون ونصف مليون دولار.
أما العشاء الثاني، المقرر يوم 22 مايو في نادي ترامب الخاص قرب العاصمة واشنطن، فيعتمد نظامًا فريدًا للدعوات: لا حاجة للنقود، بل يكفي أن تكون من كبار حاملي عملة الميم TRUMP.
الحدث الذي ترعاه منظمة MAGA Inc – وهي لجنة سياسية داعمة لترامب – يحمل عنوان "عشاء مبتكري العملات الرقمية والذكاء الاصطناعي"، وسيشهد حضورًا خاصًا لرجل الأعمال ديفيد ساكس David Sacks، أحد أبرز الداعمين لتوسيع نفوذ العملات الرقمية في واشنطن، والمقرّب من الدوائر الجمهورية.
يُنظر إلى ساكس كمحرك رئيسي وراء التحوّل الجذري الذي شهدته السياسة التنظيمية الأمريكية مؤخرًا، خاصة مع المكاسب التي حققتها مشاريع العملات الرقمية في مواجهة الهيئات الرقابية خلال الفترة الماضية.
دخول عملات الميم إلى دائرة النفوذ السياسي
أما عشاء الميم فيعتمد على نظام تنافسي قائم على البلوكشين، حيث تُمنح الدعوات لأول 220 مشاركًا من حيث عدد العملات المحتفظ بها.
ويحظى كبار المستثمرين – وتحديدًا أول 25 حاملًا – بجولة VIP في البيت الأبيض وحفل استقبال خاص، وسط انتقادات حادة من منظمات رقابية تعتبر هذه الممارسات وسيلة "مباشرة لشراء النفوذ السياسي".
وقد وصفت منظمة Accountable.US، المعنية بمراقبة تأثير المال في السياسة، هذه المبادرة بأنها "أكثر خطط الإثراء الذاتي وقاحة في تاريخ الرئاسة الأمريكية"، محذّرة من إمكانية استغلالها من قبل ممولين أجانب أو أصحاب مصالح خفية، في ظل صعوبة تتبّع هويات مالكي المحافظ الرقمية.
اقرأ أيضا : عملة الميم TRUMP: عشاء فاخر، شبهات مالية، وجدلية النفوذ السياسي
مشاريع تشريعية لوقف "عملة ترامب"
في سياق متصل، أثارت تحركات ترامب في مجال العملات الرقمية ردود فعل غاضبة داخل الكونغرس، حيث قدّم السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي مشروع قانون جديد يحمل اسم قانون MEME (Modern Emoluments and Malfeasance Enforcement)، يقضي بحظر الرئيس ونائبه وأعضاء الكونغرس وكبار المسؤولين الحكوميين وعائلاتهم من إصدار أو دعم أو التربح من أي أصل مالي، بما في ذلك الأصول الرقمية وعقود السلع الآجلة والأوراق المالية.
وهاجم ميرفي في بيان شديد اللهجة عملة $TRUMP واصفًا إياها بأنها "أكثر الأفعال فسادًا على الإطلاق من رئيس أمريكي"، معتبرًا أن ترامب "قد فتح بابًا خلفيًا يسمح لأصحاب الثروات الطائلة وأوليغارشيين أجانب بإرسال الأموال له سرًا تحت غطاء رموز رقمية".
تزامن هذا مع موقف مشابه من السيناتورة إليزابيث وارن، التي أعلنت من على منصة مجلس الشيوخ أن تمرير أي قانون متعلق بـالعملات الرقمية المستقرة يجب أن يتضمّن قيودًا مشددة على غسل الأموال، ويمنع كبرى شركات التكنولوجيا من إصدار عملات مستقرة، مع حظر استغلال المسؤولين الحكوميين لهذه الأصول بهدف الإثراء الشخصي.
اقرأ أيضا : قصة عملة الميم Trump: دليلك لخسارة كل أموالك لصالح الحيتان
أرباح ضخمة وسط شكوك تنظيمية
في جانب آخر، أظهرت وثائق رسمية أنّ 80% من المعروض الإجمالي لعملة $TRUMP مملوك من قبل مؤسسة ترامب وشركائها. ومنذ انطلاق المشروع في يناير، جرى تداول العملة بنشاط كبير، وولّد رسوم تداول تفوق 324 مليون دولار، ذهبت بمعظمها إلى محافظ خاضعة لسيطرة القائمين على المشروع، بحسب موقع العملة وبيانات من شركة Chainalysis.
وقد ازداد الطلب على العملة بشكل لافت بعد إعلان العشاء الثاني، لترتفع قيمتها السوقية بأكثر من 50%، مما أغنى مؤسسيها والمستثمرين الأوائل.
اقرأ أكثر: من العقارات إلى العملات الرقمية: توسّع استثمارات عائلة ترامب في دبي
لكن رغم ذلك، لا تضمن شروط الموقع حضور ترامب الفعلي، وتنص البنود القانونية على أنّ "العشاء قد يُلغى لأي سبب"، وفي هذه الحالة سيحصل المشاركون على NFT يحمل توقيعه.
تجدر الإشارة إلى أن نجل ترامب، إريك ترامب، أعلن الأسبوع الماضي عن صفقة مع شركة استثمارية مقرها أبوظبي ستستخدم العملة المستقرة التابعة لشركة World Liberty Financial المرتبطة بترامب، ضمن استثمار ضخم بقيمة 2 مليار دولار في منصة بينانس، ما أثار المزيد من الريبة بشأن تداخل المال السياسي مع مشاريع العملات الرقمية.
في المجمل، يتسارع الجدل في واشنطن حول مستقبل التنظيم القانوني للأصول الرقمية، في ظل توسّع نفوذ ترامب في هذا المجال، مقابل محاولة الديمقراطيين تطويق ما يصفونه بـ"الفساد المقنّع".
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
