شهدت الأسواق المالية العالمية تراجع حاد يوم الاثنين، بينما يترقّب المستثمرون صدور بيانات التضخم المهمة ويعيدون النظر في توجهات البنك الاحتياطي الفيدرالي، في وقتٍ ما تزال فيه سوق العملات الرقمية تعاني من الضغوط، رغم أنباء تنظيمية إيجابية في الأفق.
وتتركّز الأنظار على تقرير مؤشر أسعار المستهلك، الذي قد يحسم توجهات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. وفي خلفية المشهد، تعزز السيولة المحتملة والتطورات السياسية آمال بعض المحللين بانفراج نسبي قد تستفيد منه الأصول الخطرة، وعلى رأسها العملات المشفرة.
وقد أدّت تصاعد التوترات التجارية وتفاقم المخاوف من التضخم إلى دفع المستثمرين نحو الحذر، فتراجعت أسعار البيتكوين والإيثريوم بالتزامن مع انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية.
انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 2.6%، في حين خسر مؤشر Nasdaq-100 قرابة 3.1%، وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 2.2%، إذ يسود الحذر قبيل صدور تقرير التضخم المرتقب هذا الأسبوع.
وفي الأسواق الرقمية، هبطت عملة البيتكوين بنسبة 5.8% خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، لتُسجّل 76,800 دولار، بينما فقدت الإيثريوم 11.5% من قيمتها لتصل إلى 1,800 دولار.
ضغوط نقدية وترقّب لبيانات التضخم
ورغم إشارات اتساع السيولة هذا العام، إلا أن الضبابية التي تلف حركة رؤوس الأموال وخطط البنك المركزي لا تزال تؤثّر على الأصول ذات المخاطر العالية.
وفي الوقت الحالي، تتركّز أنظار المستثمرين على تقرير مؤشر أسعار المستهلك (CPI) المنتظر صدوره يوم الأربعاء، والذي يُتوقّع أن يُظهر ارتفاعاً بنسبة 0.3% في أسعار فبراير، انخفاضاً من نسبة 0.5% المسجلة في يناير.
ويُقدّر أن يبلغ معدل التضخم السنوي 2.9%، متراجعاً قليلاً عن مستوى يناير البالغ 3%، فيما يُتوقّع أن يبقى معدل التضخم الأساسي مستقراً عند 3.2%.

أي مفاجآت تصاعدية في أرقام التضخم قد تعني تأخير البنك الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، مما يُثقل كاهل الأصول المرتفعة المخاطر، وفي مقدّمتها الأسهم والعملات الرقمية.
هل من بوادر لانتعاش السيولة؟
رغم استقرار المعروض النقدي M2 في 2024، لا تزال الأسواق حذرة بسبب سياسة الاحتياطي الفيدرالي المتشددة، إذ واصل البنك تقليص ميزانيته العمومية إلى 6.75 تريليون دولار، هادفاً لكبح التضخم.
ورغم إشارات الاستقرار، فإن حذر الفيدرالي، وتقلّبات عملة "دوج"، يقيّدان حركة المستثمرين.
مع ذلك، يرى محللون أن تغيّرات السيولة قد تفتح المجال لانتعاش الأصول الخطرة في الأشهر القادمة، خصوصاً بعد تسجيل الدولار أكبر تراجع له منذ الأزمة المالية، ما يقلّص كلفة الديون ويزيد من السيولة.
وأوضح جيمي كوتس، كبير المحللين في Real Vision، أن ضعف الدولار غالباً ما يسبق صعوداً في أسعار الأصول، معتبراً أن تقليص الحكومة لهدر الإنفاق يفسح المجال أمام نمو القطاع الخاص.
هذا التوجّه قد يدفع الفيدرالي مستقبلاً إلى خفض أسعار الفائدة ووقف التشديد. لكن التوترات التجارية، لاسيما مع الصين وكندا، تبقى مصدر قلق من تباطؤ اقتصادي عالمي وزيادة في التضخم..
تحركات سياسية قد تعيد التوازن
وسط هذه الظروف، يبرز تطور سياسي مهم، يتمثل في نية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إصدار أمر تنفيذي لإلغاء قيود مصرفية فرضتها إدارة بايدن على شركات العملات الرقمية، فيما يُعرف بعملية "نقطة الخنق 2.0" (Operation Chokepoint 2.0).
وتشير بعض التسريبات إلى أن هذا التوجيه التنفيذي قد يتضمّن تعليمات بشأن تنظيم العملات المستقرة وسياسات التعامل المصرفي من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ما قد يُكسب العملات المشفرة دعمًا رسميًا ضمن المنظومة المالية الأميركية، خصوصًا مع دعوات ترامب لإنشاء احتياطي وطني من عملة بيتكوين.
ومع اقتراب صدور بيانات التضخم وتقرير الميزانية الفيدرالية يوم الأربعاء، يُتوقّع أن تبقى الأسواق رهينة التقلّبات.
غير أن الدفع بسياسات مشجعة للعملات الرقمية، إلى جانب التغيرات المحتملة في مسار السيولة، قد يُفضي إلى فصل مسار العملات الرقمية عن بقية الأصول الخطرة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
