اقترب سعر بيتكوين BTC من حاجز 100 ألف دولار في تداولات الخميس، وسط حالة من التفاؤل تسود الأسواق العالمية بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن صفقة تجارية "كبرى" مع دولة "مرموقة"، يُعتقد أنها بريطانيا، إضافة إلى إشارات اقتصادية كلية مشجّعة، وتدفّق رساميل المؤسسات نحو صناديق ETF بيتكوين الفوري.
ترامب يشعل فتيل الأسواق باتفاق "مرموق"
في منشور على منصة "تروث سوشيال"، أعلن ترامب عن مؤتمر صحفي عاجل يُعقد صباح الخميس للإعلان عن "اتفاق تجاري كبير مع دولة ذات مكانة عالية"، ما أشعل حماس الأسواق، خصوصًا بعد تسريبات إعلامية تفيد بأن الدولة المعنية هي المملكة المتحدة.
الاتفاق المحتمل، الذي قد ينهي حالة الجمود التي خلّفتها سياسات ترامب الجمركية السابقة، يُنتظر أن يتضمن تخفيضات في الرسوم الأمريكية على الصلب والسيارات البريطانية، مقابل مراجعة بريطانيا لضريبتها على الخدمات الرقمية، وهو ما يُفهم منه تهيئة بيئة أكثر دعمًا للأصول الرقمية والتقنية.
وفي تعليقها على الأثر الفوري لهذا الإعلان، ترى المحللة أوروريلي بارتير من منصة Nansen أن:
"تصريحات ترامب ووزير الخزانة سكوت بيسنت أعطت الأسواق إشارة بأن التصعيد التجاري قد لا يكون بالحدة المتوقعة". وأضافت أن "المتداولين باتوا يتعاملون مع الإدارة الحالية كضمانة غير مباشرة للأصول عالية المخاطر".
عوامل الاقتصاد الكلي تفتح الطريق... والدعم المؤسسي يؤكد الاتجاه
يتقاطع هذا التطور مع قرار البنك الاحتياطي الفيديرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 4.25%–4.50%، وهو ما فُسّر على نطاق واسع بأنه دعوة مفتوحة للمخاطرة، خصوصًا مع تراجع عوائد السندات وضعف الدولار الأمريكي.
وقد صرّح رئيس الفيدرالي، جيروم باول، بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في وضع جيد رغم "تزايد حالة عدم اليقين"، وهو ما انعكس إيجابًا على شهية المستثمرين، وأسهم في ارتفاع مؤشرات S&P 500 وDow Jones، بالتوازي مع صعود بيتكوين.
في هذا السياق، قالت رايتشل لوكاس، المحللة في BTC Markets، إن:
"الزخم الحالي ليس وليد العواطف، بل نتيجة تفاعل عدّة محركات هيكلية؛ بدءًا من ضغوط العرض بعد التنصيف الأخير، ومرورًا بتنامي البنية التحتية المؤسسية، وصولًا إلى تسارع تدفّقات الصناديق المؤسسية".
ولفتت إلى أن صناديق ETF بيتكوين الفوري في الولايات المتحدة استقطبت أكثر من 5 مليارات دولار منذ 25 أبريل فقط، ما يعكس تنامي الثقة المؤسساتية.
الصين على الخط... ولقاء مرتقب قد يعيد رسم خريطة التجارة
في الخلفية الجيوسياسية، تسود حالة من الترقب في الأوساط الاقتصادية مع الإعلان عن لقاء مرتقب في سويسرا بين وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، وممثل التجارة جيميسون غرير، ومسؤولين صينيين، في خطوة تهدف إلى إعادة فتح قنوات الحوار بعد فترة طويلة من الجمود.
وقد أكدت بكين استعدادها للدخول في مفاوضات "مشروطة"، محذّرة في الوقت ذاته من "الضغوط القسرية والتكتيكات الابتزازية" التي قد تعيق أي تقارب.
هذا اللقاء المرتقب، وإن لم يُكشف عن تفاصيله بعد، يمثل اختبارًا حاسمًا لمسار التهدئة التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وقد يُلقي بظلاله على الأصول ذات المخاطر العالية، وفي طليعتها العملات الرقمية.
التوقعات لسعر البيتكوين: بين ذروة الجديدة وجني الأرباح
في خضم هذا الزخم، يطرح كثير من المحللين سؤالًا محوريًا: هل تتهيّأ بيتكوين لفتح صفحة جديدة من القمم التاريخية؟
ترى لوكاس أن تجاوز مستوى 100 ألف دولار، إن تثبّت، قد يفتح المجال لإعادة اختبار الذروة التاريخية، مشيرة إلى أن "الارتفاعات المرتبطة بأرقام مستديرة عادة ما تكون مصحوبة بجني أرباح، لكن الاتجاه العام لا يزال صاعدًا ومتينًا".

في كلمة له خلال مؤتمر Token2049 في دبي، صرّح الملياردير آرثر هايز، المؤسس السابق لمنصة BitMEX، بأن بيتكوين قد "تحلق إلى 150 ألف دولار هذا العام"، مرجعًا ذلك إلى تلاشي الثقة في السياسات النقدية الأمريكية، واستمرار التضخم، وتقلّب أسواق الأسهم.
وأضاف أن "الأسواق تبحث عن بدائل غير مرتبطة بالنظام المالي التقليدي، وبيتكوين تتقدّم بخطى ثابتة لتكون الخيار الأول"، متوقعًا أن تبدأ العملات الرقمية البديلة موجة صعودها بعد بلوغ بيتكوين قمتها الجديدة.
في المقابل، يحذّر بعض المحللين من الإفراط في التفاؤل.
فقد ذكرت منصة Nansen في تقرير حديث أن "المعنويات تتقدم على الأساسيات"، محذّرة من أن السوق قد يكون "يُقلل من تقدير المخاطر"، في ظل استمرار تضخم الخدمات، وتراجع الاستهلاك، وتعثر المحادثات مع الصين.
ورأى مارسين كازميرتشاك، المدير التنفيذي لشركة RedStone، أن بيتكوين لا تزال تلعب دور "المُنوّع الاستثماري" وليست "ملاذًا آمنًا بالمعنى التقليدي"، موضحًا أن "الارتباط المتغير مع مؤشر S&P 500 خلال العام الماضي يضعها ضمن فئة الأصول غير المتزامنة مع السوق، لا المضادة له".
في الخلاصة، تظل بيتكوين BTC اليوم في مفترق طرق، بين تفاؤل تدعمه وقائع مالية ومؤسساتية صلبة، ومخاوف من تصحيحات متوقعة كلما اقترب السعر من مستويات مقاومة نفسية.
لكن المؤكد، بحسب معظم الخبراء، هو أن الاتجاه العام يبقى صاعدًا، ما دامت العوامل الأساسية والكلية تدفع بالأصل الرقمي نحو مركز أثقل في معادلات الأسواق.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
