في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية وتغير السياسات المالية في الولايات المتحدة، تُواجه العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين BTC، تحديات متصاعدة قد تعيدها إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2022.
فحسب تحليل كوين تومسون (Quinn Thompson)، مؤسس صندوق التحوط "ليكّر كابيتال" (Lekker Capital). فإن السوق مُقبل على مسار هبوطي طويل قد يكون أكثر قسوة مما يتصوّره المتداولون.
وبينما لا تبدو مؤشرات الانهيار فورية أو حادّة، إلا أن التحوّل التدريجي في الأوضاع الاقتصادية يهدد بجرّ البيتكوين إلى ما دون 60 ألف دولار، في تراجع قد يقلب موازين السوق الرقمية.
تراجع متوقع لأسعار البيتكوين رغم الاستقرار الظاهري
يرى تومسون أن ما يُعرف بـ"الهبوط البطيء" يُعدّ السيناريو الأكثر ترجيحًا، وهو أشد وطأة نفسيًا على المستثمرين من الانهيارات المفاجئة.
فقد تراجع سعر البيتكوين من قمّته البالغة أكثر من 109,000 دولار إلى قرابة 83,000 دولار، ومع ذلك، لا تبدو حركة السوق شديدة التذبذب أو مفعمة بالتصفية العنيفة للأصول.
يتوقّع تومسون أن تصل البيتكوين إلى نطاق يتراوح بين 50,000 و59,999 دولارًا بحلول نهاية العام. أي ما يُعادل هبوطًا بنسبة 50% تقريبًا عن ذروتها الأخيرة.
هذا التراجع المحتمل لا ينبع من العوامل التقنية أو من ضعف الطلب فحسب. بل يرتبط مباشرة بتحوّلات جذرية في السياسات الاقتصادية الأمريكية.
رسائل البيت الأبيض.. مجرد ضوضاء؟
طومسون، الذي اتخذ موقفًا سلبيًا من السوق منذ مستويات عليا، يرى أن التصريحات السياسية الأخيرة من البيت الأبيض — سواء بشأن "الصندوق السيادي" أو "احتياطي البيتكوين الاستراتيجي" — لا تحمل أي وزن حقيقي. واصفًا إياها بـ "الأخبار الفارغة" التي لا تستحق الرهان، بل قد تكون فرصًا للبيع مع كل إعلان جديد.
كذلك يشير إلى أن عمليات الشراء المستمرة للبيتكوين من قبل شركة مايكروستراتيجي لا تعني بالضرورة اتجاهًا صعوديًا، بل ربما تعكس غياب المشترين الكبار الآخرين.
الاقتصاد الأمريكي يواجه 4 تحديات
يستند طومسون في تحليله إلى أربع عوامل أساسية يرى أنها تُضعف الاقتصاد الأمريكي وتضغط على الأصول المالية، ومنها العملات الرقمية:
- خفض الإنفاق الحكومي
وزارة الكفاءة الحكومية (D.O.G.E)، التي يقودها إيلون ماسك، تسعى لخفض العجز عبر تقليص النفقات العامة. لكن هذا الإنفاق كان محرّكًا أساسيًا لسوق العمل في السنوات الأخيرة. ويرى طومسون أن الحكومة الجديدة لم تعد راغبة في دعم الاقتصاد عبر السياسات المالية التوسعية، ما سيؤدي إلى تباطؤ النمو. - تشديد سياسات الهجرة
الحملة المكثفة ضد الهجرة غير النظامية قد تضر بسوق العمل، إذ يقلّ المعروض من اليد العاملة، ما يرفع الأجور ويثقل كاهل الشركات الصغيرة والمتوسطة. - سياسة الرسوم الجمركية المتذبذبة
إدارة ترامب تبعث رسائل متضاربة حول فرض رسوم جمركية جديدة. هذا الغموض يخلق حالة من الشك تدفع الشركات إلى تأجيل قرارات الاستثمار والتوظيف. - تردّد الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة
رغم خفض الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في نهاية 2024، إلا أن التضخم ما زال مرتفعًا. ولم تستطع هذه الخطوة دفع البيتكوين إلى ما فوق 110,000 دولار. ويتوقع طومسون أن يتم خفض إضافي للفائدة خلال النصف الثاني من 2025 بمعدل يتراوح بين 25 و75 نقطة أساس.
ويضيف: "هناك تنسيق أكبر مما يتصوّره الناس بين وزارة الخزانة والاحتياطي الفيدرالي. صحيح أن الجميع توقع صدامًا بين ترامب ورئيس الفيدرالي جيروم باول. لكن الحقيقة أنهما يعملان بتناغم لتحقيق هدف مشترك: كبح التضخم، حتى لو على حساب النمو".
إلى أين تتجه السوق؟ ومتى ينتهي هبوط سعر البيتكوين؟
يؤكد تومسون أن البيت الأبيض بقيادة ترامب ووزيرة الخزانة بيسّنت (Bessent) لا يظهران قلقًا كبيرًا من الدخول في ركود اقتصادي. بل يعتبران خفض أسعار الأصول نتيجة طبيعية لـ"تصحيح مسار السفينة".
ومع غياب الدعم الحكومي التقليدي وضبابية توجهات الأسواق. قد يعاني المتداولون في أسواق الأسهم والعملات الرقمية من عام شاق تتقلّص فيه شهية المخاطرة.
ويشرح تومسون قائلاً: "وزير الخزانة، بيسّنت ، يتحدث عن ’تصحيح المسار‘، وهذا يعني قطع مصادر السيولة التي رفعت أسعار الأصول إلى مستويات جنونية. وبالتالي، فإن نجاح السياسات الحالية يعني بالضرورة هبوطًا في السوق
وبرغم التنسيق المحتمل بين وزارة الخزانة والاحتياطي الفيدرالي، إلا أن السياسات المعتمدة تشي برغبة صريحة في خفض التضخم ولو على حساب النمو. مما يُفاقم من ضغوط السوق ويزيد من فرص حدوث "حريق مالي شامل" بدلًا من مجرد تصحيح مرحلي.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
