تشهد الأسواق المالية حالة غير مسبوقة من التقلّب، والبيتكوين ليس استثناءً. فبحسب بيانات Coinglass، ارتفعت تقلبات سعر البيتكوين لمدة 14 يومًا متتالية، لتصل إلى 3.48٪، وهو أعلى مستوى لها منذ أغسطس من العام الماضي.
يتزامن ذلك مع تصاعد المخاوف من ركود اقتصادي أمريكي، واحتمالاته ارتفعت من 23٪ في يناير إلى 36٪ حاليًا، وفقًا لاستطلاع CNBC Fed Survey.
من الاحتياطي الفيدرالي إلى DOGE.. البيتكوين يراقب بعين حذرة
وسط هذه التقلبات، يتفاعل المستثمرون مع قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، لكن التركيز يتجه أكثر إلى عدم اتساق السياسات الاقتصادية الأمريكية.
في كلمته الأخيرة، حذّر جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، من أن الرسوم الجمركية الجديدة قد تؤخر التقدم المحرز على صعيد كبح التضخم، رغم التوقعات بانخفاضه في عامي 2026 و2027.
من جانبه، صرّح لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاكروك، بأن "عدم الاستقرار السياسي" قد يؤدي إلى مستويات تضخم مرتفعة وغير متوقعة. والحديث هنا لا يقتصر على الاقتصاد التقليدي، بل يمتد إلى العملات الرقمية، حيث تزداد حساسية البيتكوين للتطورات السياسية.
ويعكس هذا ما أشار إليه أولديس تيرودكلانز، المدير التنفيذي للإيرادات في منصة Paybis، والذي قال:
"البيتكوين يتعامل مع مستويات غير مسبوقة من عدم اليقين، حيث يقوم المستثمرون بإعادة تقييم مواقعهم وسط تضارب السياسات المالية والنقدية في الولايات المتحدة."
DOGE: المبادرة الحكومية التي أربكت الأسواق
واحدة من أكثر المبادرات إثارة للجدل هي إطلاق "وزارة كفاءة الحكومة" (Department of Government Efficiency – D.O.G.E) بقيادة إيلون ماسك. تهدف هذه الخطوة إلى تقليص الإنفاق الحكومي، وتحظى بدعم من الحزبين، لكنها تثير قلقًا حقيقيًا بشأن تأثيراتها على الوظائف والطلب الاستهلاكي.
إذا ترافق خفض الإنفاق الحكومي مع استقرار أو تراجع تدريجي في أسعار الفائدة، فإن ذلك قد يؤدي إلى انكماش في السيولة يحد من فعالية أي سياسة نقدية تحفيزية مستقبلية.
وبحسب تيرودكلانز:
"تقلبات البيتكوين المرتفعة تعكس حالياً سيناريوهات متضاربة في أذهان المتداولين، خصوصاً مع خطر التقلص المالي المصاحب لتيسير نقدي محدود. نحن أمام حلقة مرتدة تعكس سياسة مالية لا تزال في حالة فوضى."
البيتكوين في مواجهة دورة اقتصادية غير متناسقة
ما يزيد من تعقيد الوضع أن السوق المالي يبدو منقسمًا؛ حيث يرى البعض أن الاحتياطي الفيدرالي قد يُضطر إلى التريث في خفض الفائدة، بينما تشير المؤشرات المالية إلى تراجع السيولة على خلفية التخفيضات المحتملة في الإنفاق الحكومي.
وبالتالي، فإن سعر البيتكوين، الذي يتداول حاليًا عند نحو 85,000 دولار، لا يعكس فقط أداء أصل رقمي، بل درجة حساسية متزايدة تجاه التغيرات في السياسات العامة الأمريكية.
نحن اليوم أمام حالة فريدة. تُظهر البيتكوين حساسية شديدة تجاه أي تغيّر في السياسات المالية أو النقدية، في وقت يبعث فيه الاحتياطي الفيدرالي برسائل حذرة بشأن مستقبل الفائدة، بينما يتجه الإنفاق الحكومي نحو مزيد من الانكماش، مما يخلق مشهداً اقتصادياً غير متناغم يدفع المستثمرين إلى التحوّط، وغالباً ما يدفعهم إلى اللجوء للأصول الرقمية كملاذ بديل.
إذا استمرت حالة الضبابية السياسية والمالية، فقد نشهد موجات تقلب إضافية في البيتكوين، وقد تصبح هذه العملة أكثر من مجرد أصل مالي، بل مؤشر حساس لاتساق أو اضطراب النظام الاقتصادي العالمي.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
