تشهد الأسواق المالية تقلبات حادة وسط تصاعد المخاوف من ركود اقتصادي وشيك، وعودة التوترات التجارية في ظل سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. في هذا المشهد المتقلب، تتجه الأنظار مجددًا إلى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وسط رهانات قوية من كبار المتداولين والمحللين على قرب اتخاذ قرار خفض أسعار الفائدة لإنقاذ السوق من مزيد من التدهور.
آرثر هايز: مؤشر MOVE قد يشعل فتيل خفض الفائدة
أبرز هذه التوقعات جاءت من آرثر هايز، المؤسس المشارك لمنصة BitMEX، الذي غرّد على تويتر، متوقعًا تدخلًا وشيكًا من الفيدرالي، لكن بشرط واحد: تخطي مؤشر MOVE الذي يقيس تقلبات سوق سندات الخزانة الأمريكية لمستوى 140.
وقال هايز: "إذا أردت أن تعرف متى سيبدأ الفيدرالي في طباعة الأموال، راقب مؤشر MOVE...".
وللتوضيح، فإن مؤشر MOVE هو مقياس يعكس حجم التقلبات في سوق سندات الخزانة الأمريكية، ويُشبه في وظيفته مؤشر VIX للأسهم. ارتفاع هذا المؤشر يُعد إشارة على تصاعد التوتر والمخاطر، مما قد يدفع المتداولين إلى البيع القسري ويزيد احتمالية تدخل الفيدرالي بخفض الفائدة.

وفقًا لهايز، كلما ارتفع المؤشر، ازدادت الضغوط على المتداولين الذين يعتمدون على التمويل في تداولات سندات الخزانة وسندات الشركات، ما قد يدفعهم للبيع القسري نتيجة اشتراطات هامشية أعلى.
هذا البيع القسري قد يؤدي بدوره إلى اضطرابات أعنف في السوق، وهو ما قد يجبر الفيدرالي على التدخل بخفض الفائدة لحماية الأسواق، وتحديدًا سوقي السندات الحكومية وسندات الشركات، اللذين وصفهما هايز بأنهما "الأسواق التي سيدافع عنها الفيدرالي حتى النهاية".
الاحتياطي الفيدرالي أمام مفترق طرق
هذا التحليل يتقاطع مع الواقع القائم حاليًا في الأسواق. فقد تراجعت بيتكوين بنسبة 8% لتصل إلى 75,800 دولار، بينما سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تراجعًا يقارب 15% في ثلاثة أيام فقط.
في الوقت ذاته، تشير توقعات أداة CME FedWatch إلى احتمال تنفيذ خمس تخفيضات للفائدة خلال عام 2025، مع احتمال بنسبة 51% لخفض بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع 7 مايو المقبل.

من جهة أخرى، ربط هايز التوترات الاقتصادية الراهنة بانطلاق جولة جديدة من الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب، معتبرًا أن قاعدته الانتخابية لا تملك الكثير من الأصول المالية وبالتالي لا تبالي بتقلبات سوق الأسهم أو مؤشرات مثل ستاندرد آند بورز.
وأضاف أن هذا الواقع يمنح ترامب هامش مناورة أكبر في فرض سياسات تجارية تصادمية، حتى لو تسببت بانهيار الأسواق، لأن المتضررين ليسوا ضمن ناخبيه الأساسيين.
المؤشرات العالمية أكدت صحة هذه التقديرات، إذ انهار مؤشر نيكاي الياباني بنسبة تقارب 7%، وانهارت معظم العملات الرقمية، بما في ذلك العملات الرقمية البديلة، بنسبة تراوحت بين 6% و12%.
أما على صعيد السياسات النقدية، فإن التحول الذي أحدثته وزيرة الخزانة السابقة جانيت يلين في هيكلة الدين الأمريكي — بالانتقال من السندات طويلة الأجل إلى أذون الخزانة قصيرة الأجل — جعل الاقتصاد أكثر هشاشة أمام ارتفاع أسعار الفائدة، ما يزيد من احتمالية إعادة التمويل القسري لجزء كبير من الدين بتكلفة أعلى.
في المجمل، يقف الاحتياطي الفيدرالي أمام مفترق طرق: فإما أن يتدخل سريعًا لإنقاذ السوق من موجة بيع عارمة، أو أن يغامر بمزيد من التقلبات قد تعصف بثقة المستثمرين وتغذي المخاوف من ركود اقتصادي عالمي.
خلاصة وتوصيات للمستثمرين
في ظل هذه الأجواء المضطربة، ينبغي على المستثمرين التحلّي بالحذر ومراقبة مؤشرات السوق الرئيسية، لا سيما مؤشر MOVE وتقلبات أسواق السندات.
كما يجب على المتداولين في العملات الرقمية تعزيز استراتيجيات إدارة المخاطر والتفكير في تنويع المحافظ الاستثمارية لتفادي الخسائر الفادحة المحتملة.
وفي حال أقدم الاحتياطي الفيدرالي فعلًا على خفض الفائدة، فقد يشهد السوق ارتدادًا مؤقتًا، إلا أن الأساسيات الاقتصادية ستظل العامل الحاسم في تحديد مسار الأسواق على المدى المتوسط والطويل.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
