بالرغم من كونها واحدة من أكبر منصات تداول العملات الرقمية في العالم، لم تسلم بورصة بايبيت (Bybit) من ضربة قاسية هزّت أركان قطاع الكريبتو. ففي فبراير الماضي، واجهت المنصة هجوماً سيبرانياً معقداً بلغ حجمه ما يُقدّر بمليار دولار، ما جعله الهجوم الأكبر في تاريخ العملات الرقمية.
ورغم أن الاختراق لم يصب البنية التحتية الداخلية للمنصة بشكل مباشر، إلا أنه شكّل نقطة تحول في استراتيجية البورصة الأمنية، التي سرعان ما كشفت عن خطة ثلاثية الأبعاد لإعادة تحصين دفاعاتها وضمان أمن أصول مستخدميها.
بعد أكبر اختراق في تاريخ الكريبتو.. بايبيت تعيد بناء نفسها من الصفر
وبينما تتابع المنصة مساعيها لاسترداد الأموال، وتُطلق حملة تعقب مفتوحة للمخترقين تحت عنوان "Lazarus Bounty"، فإن الأهم في المشهد هو التحول العميق في عقلية الحماية السيبرانية الذي تقوده بايبيت الآن.
إنها لم تعد تكتفي بالبروتوكولات المعهودة، بل أطلقت مشروعًا إصلاحيًا على ثلاثة مستويات رئيسية: مراجعة متعمقة للأمان، تشديد آليات المحافظ الرقمية، وتحديث شامل لأمن المعلومات.
👈 اقرأ المزيد: إذا حضرت قابلية التوسع غاب الأمان .. تحديات البلوكتشين!
أولًا: مراجعات أمنية شاملة لصد الثغرات
ما بعد الهجوم، ليس كما قبله. فقد باشرت بايبيت، منذ الأيام الأولى للهجوم، بإجراء تسع مراجعات أمنية متقدمة من خلال فريق داخلي وخبراء خارجيين مستقلين، نتج عنها اعتماد أكثر من 50 توصية جديدة. كان الهدف الأساسي هو سدّ كل ثغرة محتملة، حتى تلك التي لم تُستغل بعد، وتحييد أي خطر مستقبلي قبل أن يتشكل.
ثانيًا: تعزيز المحافظ الباردة… المعركة التقنية تبدأ من الداخل
رغم أن بايبيت كانت تطبّق أفضل ممارسات الحفظ وقت الاختراق، فإنها أدركت أن تطور الهجمات أصبح يفوق التوقعات. لذلك، شرعت في تعزيز أمان المحافظ الباردة باستخدام نموذج متقدم للحوسبة متعددة الأطراف (MPC)، وإجراءات تشغيلية تُشرف عليها فرق أمنية عالية التخصص، بالإضافة إلى التوسّع في استخدام وحدات أمان الأجهزة (HSM) لضمان حماية مادية قائمة على أحدث التقنيات.
ثالثًا: نظام تشفير معلومات يحاكي البنوك العالمية
لدى بايبيت الآن هدف واضح: ألا تقلّ أنظمتها عن مثيلاتها في المؤسسات المالية التقليدية من حيث الأمان. المنصة تحمل بالفعل شهادة ISO/IEC 27001 المعترف بها عالمياً، وتعمل وفق نموذج تشفير من طرف إلى طرف لجميع الاتصالات، بما في ذلك العمليات الداخلية التي لا تشمل العملاء.
👈 اقرأ المزيد: ZachXBT: المحقق الذي يخشاه محتالي العملات المشفرة.. من هو؟
كما تم تحديث أنظمة الملفات بحيث تضمن تشفير البيانات أثناء التخزين، بما يعكس فلسفة أمان شاملة تضع الخصوصية والمخاطر في قلب المعادلة.
وهنا يعلّق المؤسس والرئيس التنفيذي لـ بايبيت، بن تشو، قائلاً:
"في الأمن السيبراني، نقطة ضعف واحدة كفيلة بتهديد المنظومة بأكملها. ومن هنا، نحن لا نتعامل مع التهديدات بشكل تفاعلي فقط، بل نعيد بناء أساسات الثقة من جديد."
واقعًا، رغم ضخامة الحدث، لم تتوقف بايبيت عن العمل. بل تمكّنت من تنفيذ عدد غير مسبوق من عمليات السحب خلال الساعات الـ12 الأولى بعد الاختراق، وتحملت المسؤولية الكاملة عن الخسائر، في مشهد نادر من الشفافية والمحاسبة. كما أطلقت المنصة جولات إثبات احتياطي جديدة، واستعادت بسرعة موقعها في الصدارة بين المنصات المركزية، حسب تقرير حديث لشركة كايكو Kaiko.
لكن الأثر الحقيقي لهذا الحدث لا يُقاس فقط بتداعياته الآنية، بل بما يفرضه من معايير جديدة على الصناعة بأكملها. فالمنافسة بين المنصات لم تعد فقط حول من يقدم أفضل تجربة تداول، بل حول من يستطيع أن يسبق المخترقين بخطوة… أو أكثر.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
