تتفوق المعاملات الرقمية بشكل مستمر على التبادلات النقدية، وقد برزت خدمة باي بال PayPal باعتبارها شركة عملاقة تعمل على تسهيل المعاملات الدولية السلسة. ومع ذلك، لا تتمتع جميع المناطق بالسهولة التي يوفرها عملاق المدفوعات الرقمية.
ونجد الفلسطينيين من ضمن المستبعدين، وهو قيد خضع للتدقيق مؤخرًا. والواقع أن رفض شركة باي بال خدمة الفلسطينيين في حين تقدم خدماتها للمستوطنات الإسرائيلية كان سبباً في تحفيز المناقشات حول التمييز المالي.
هل البيتكوين هو الحل للتمييز الذي تمارسه باي بال لفلسطين؟
وخلال الاجتماع العام السنوي لشركة PayPal في مايو 2023، اقترح رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي سام بحور تعديل هذه السياسة. حيث تدعو الرسالة إلى وضع قاعدة جديدة لمنع التمييز من قبل الشركة الرائدة في مجال تقديم المدفوعات الرقمية في العالم تجاه الأفراد في مناطق النزاع. والتي حصلت على دعم من 12 عضوًا في الكونجرس الأمريكي.
وجاء في الرسالة: "باعتبارها واحدة من منصات الدفع الأكثر شهرة في العالم، تتحمل PayPal مسؤولية ضمان تقديم خدماتها وعملياتها بطريقة غير تمييزية ووفقًا لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان".
ومع ذلك، تم رفض الاقتراح. مما يؤكد الفراغ المالي في قطاعي تطوير البرمجيات والتجارة الإلكترونية المتناميين في فلسطين.
وقد أدى هذا الاستبعاد إلى تحويل التركيز نحو عملة البيتكوين، وهي عملة مشفرة لامركزية، كبديل محتمل. تحدث ماكس كيسر، المضيف المشارك لتقرير كيزر على قناة RT، في عام 2013 عن فوائد اعتماد البيتكوين لإعادة تشكيل النظام المالي الفلسطيني.
"إن البيتكوين، مثل الزعماء الروحيين الذين سبقوها في صحراء الشرق الأوسط. هي هدية معجزة قادرة على تحويل شعب مضطهد ومنسي. إن الاقتصاد الفلسطيني هو اقتصاد بمليارات الدولارات، ولسوء الحظ فإن معظم المستفيدين من الخارج هم من الخارج. ولكن إذا تم اعتماد البيتكوين كعملة رسمية، فسيتمكن الفلسطينيون من تشكيل مصيرهم الاقتصادي ومن خلال القيام بذلك بمصيرهم السيادي”.
وفي الوقت نفسه، أكد الناشط الفلسطيني فادي السلامين مؤخرًا كيف أصبحت عملة البيتكوين وسيلته الوحيدة لإرسال الأموال إلى فلسطين. وقد ساعدته على تجاوز الرسوم المصرفية المرتفعة والسياسات الحكومية التقييدية، خاصة بعد الصراع الأخير.
وقال السلامين: "تحل عملة البيتكوين مشاكل الرسوم المصرفية المرتفعة أو رسوم التحويل، أو التجاوزات الحكومية المتطرفة والمعاملة غير العادلة للفلسطينيين من قبل المنظمات النقدية الدولية كما هو الحال مع PayPal".
ومع ذلك، فإن الشكوك المحيطة بالعملات المشفرة تمثل عقبة رئيسية أمام التبني السريع للبيتكوين في المنطقة.
دور العملات المشفرة في توفير الحرية المالية في مناطق الحرب
تعكس معضلة الدفع الرقمي في فلسطين اتجاهًا عالميًا. حيث تكتسب العملات المشفرة مكانة خاصة بها، خاصة في مناطق النزاع. وفقًا لشركة تشيناليسيس، وهي شركة لتحليلات بلوك تشين، فإن الحرب بين روسيا وأوكرانيا تجسد هذا الاتجاه. حيث سهلت العملات المشفرة التمويل لمختلف الفصائل.
"بالنسبة للأسواق الناشئة مثل أوكرانيا، تتمتع العملات المشفرة بالقدرة على العمل كمخزن موثوق للقيمة، وتقليل تكاليف المعاملات عبر الحدود، وتعزيز الاستقلال المالي. بالإضافة إلى المساعدة في جهود الحرب، من المرجح أن تشجع التبرعات بالعملات المشفرة على زيادة التبني وتقوية الاقتصاد الذي أعاقته الحرب.
كما توفر الطبيعة اللامركزية للعملات المشفرة ميزة فريدة في مناطق النزاع - تحويلات مالية سريعة وصغيرة الحجم. مما يتيح الدعم المستهدف لاحتياجات محددة.
أيضا في المقابل، يقدم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سيناريو فريداً من نوعه. بما يحمله من تحديات تاريخية ودينية وجيوسياسية عميقة الجذور.
تضيف سيطرة حماس على فلسطين طبقة من التعقيد إلى اعتماد العملات المشفرة. خاصة بعد أن قامت الوحدة الإلكترونية التابعة للشرطة الإسرائيلية، لاهاف 443، بتجميد حسابات العملات المشفرة التي يُزعم أن الجماعة المسلحة تستخدمها لأغراض جمع التبرعات.
وجاء في البيان: “نجحت وحدة الإنترنت التابعة للشرطة الإسرائيلية، بالتعاون مع وزارة الدفاع ووكالة الأمن الإسرائيلية ووكالات استخبارات وطنية أخرى، في تجميد حسابات العملات المشفرة التي تستخدمها حماس لجمع الأموال لأنشطتها”.
ومع ذلك، فإن وظائف العملات المشفرة تمتد إلى ما هو أبعد من التبرعات فقط. وكما رأينا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأخير، ظل سعر البيتكوين مستقرًا على الرغم من الاضطرابات الجيوسياسية. على عكس السلع التقليدية مثل الذهب والنفط التي كان لها رد فعل حاد.
ومع نضوج عملة البيتكوين، يمكن أن تتحول تدريجياً إلى وسيلة دفع موثوقة في فلسطين. في الوقت الحالي، توفر هذه الخدمة وسيلة للهروب من الرسوم الباهظة المرتبطة بالخدمات المالية الدولية السائدة في الشرق الأوسط وبديلاً لاستبعاد PayPal.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
