في 17 يناير 2025، قبل أيام قليلة من تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، أعلن دونالد ترامب عن إطلاق عملة رقمية جديدة تحمل اسم $TRUMP. تم إطلاق هذه العملة على منصة بلوكشين سولانا، ورافقها ترويج واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بترامب، مثل تروث سوشيال وتوتير.
وفقًا لموقع العملة الرسمي، تم وصفها بأنها الميم الرسمي الوحيد لترامب. مع شعار يُظهر ترامب رافعًا قبضته، مستوحى من حادثة محاولة الاغتيال التي تعرض لها في يوليو 2024.
أحدث الإعلان جنونًا استمر ثلاثة أيام، حيث وصل حجم التعاملات إلى مليارات الدولارات. رغم الانتقادات الحادة من الكثير من رواد العملات الرقمية.
انتقادات واسعة: مخاوف تضارب المصالح واستغلال المنصب والاحتيال
أثار إطلاق $TRUMP جدلاً واسعًا وانتقادات متعددة من قبل خبراء الأخلاقيات والمراقبين في مجال العملات الرقمية. تم إطلاق هذه العملة قبل أيام قليلة من تنصيبه. مما أدى إلى تساؤلات حول تضارب المصالح والأهداف الحقيقية وراء هذا المشروع.
مخاوف تضارب المصالح وانتهاك الدستور
أثار إطلاق عملة $TRUMP انتقادات حادة من خبراء الأخلاقيات والمراقبين الحكوميين. أعرب هؤلاء عن قلقهم من أن هذه الخطوة قد تتيح لحكومات أجنبية أو جهات ذات مصالح خاصة فرصة لشراء العملة. مما قد يؤدي إلى إثراء ترامب بشكل مباشر.
هذا السيناريو قد يُعتبر انتهاكًا لبند المكافآت الأجنبية في الدستور الأمريكي، الذي يمنع المسؤولين الحكوميين من قبول هدايا أو مدفوعات من حكومات أجنبية دون موافقة الكونغرس.
في هذا السياق، صرّح أداف نوطي، مدير مركز الحملة القانونية، قائلاً: إطلاق هذه العملة يفتح الباب أمام تأثيرات خارجية غير مرغوب فيها على الرئيس.
تركيز الملكية وإمكانية التلاعب بالسوق
أشار بعض النقاد إلى أن هيكلية توزيع عملة $TRUMP تثير الشكوك حول إمكانية تعرض المستثمرين لعمليات احتيال.
وفقًا لمقالة في مجلة Wired، فإن الشركات المرتبطة بترامب تحتفظ بحصة كبيرة من هذه العملة. مما يتيح لها إمكانية بيع كميات كبيرة في السوق، مما قد يؤدي إلى انخفاض حاد في قيمة العملة وإلحاق الضرر بالمستثمرين. هذا النمط يشبه ما يُعرف بمخططات الضخ والتفريغ (Pump and Dump) في الأسواق المالية.
تُظهر البيانات أن 80% من إجمالي عملات $TRUMP مملوكة لكيانات تابعة لترامب، وهي CIC Digital LLC وFight Fight Fight LLC، مع توزيع 20% فقط للتداول العام.
هذا التركيز الكبير في الملكية يثير مخاوف من إمكانية التلاعب بالسوق، حيث يمكن للجهات المالكة بيع كميات كبيرة من العملة. مما قد يؤدي إلى تقلبات حادة في قيمتها. وصف نيك توماينو، المدير التنفيذي السابق في كوين بيس، هذا الترتيب بأنه مفترس. مشيرًا إلى أن التوقيت والهيكلية يثيران تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء إطلاق العملة.
تأثير سلبي محتمل على سوق العملات الرقمية
أثار إطلاق عملة $TRUMP قلقًا داخل مجتمع العملات الرقمية، حيث يخشى البعض من أن تؤدي هذه الخطوة إلى زعزعة استقرار السوق وزيادة التقلبات.
وحسب صحيفة فايننشال تايمز، فإن إطلاق هذه العملة قد يشجع شخصيات عامة أخرى على إطلاق عملات رقمية خاصة بهم. مما قد يزيد من حالة عدم الاستقرار في السوق.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه التحركات إلى تغيير في النهج التنظيمي تجاه العملات الرقمية. مما يزيد من تعقيد المشهد التنظيمي لهذا القطاع.
وفي الوقت نفسه، وصف آخرون مبادرة عملة الميم الخاصة بالرئيس القادم بأنها عملية احتيال. وعلّق المحقق الشهير Coffeezilla على وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً: إطلاق عملة TRUMP الميم قبل يومين من تسلّم الرئاسة أمر مريب، مضيفًا أن القوانين الجديدة للهيئة التنظيمية الأمريكية تضمن عدم الملاحقة القضائية.
لم تقتصر الانتقادات على الخبراء والمراقبين فحسب، بل شملت أيضًا شخصيات كانت مقربة من ترامب. أنتوني سكاراموتشي، الذي شغل منصب مدير الاتصالات في البيت الأبيض لفترة وجيزة، وصف إطلاق هذه العملة بأنه فساد على مستوى عالٍ. مشيرًا إلى أن هذه الخطوة قد تضر بمصداقية الرئيس وتثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراءها.
تصاعدت الانتقادات يوم الأحد بعد إعلان السيدة الأولى المقبلة ميلانيا ترامب عن إطلاق عملة الميم الخاصة بها MELANIA على شبكة سولانا.
استفادة سياسية من جنون عملات الميم
كي يونغ جو، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة CryptoQuant، علّق على هذا الجنون قائلاً: ترامب افتتح عصر عملات الميم.
و أضاف : الأسواق المالية لطالما كانت تدور حول مطاردة الرموز، وملاحقة الاتجاهات ليست ظاهرة جديدة بالنسبة للمستثمرين الماليين.
وأشار إلى أن تطور الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي ساهم في انتشار الأفكار بسرعة فائقة ووصولها إلى جمهور واسع.
كما أوضح أن منصات التداول في العملات الرقمية فتحت الأبواب أمام عصر الاستثمار الفردي. حيث أصبح الأفراد يديرون استثماراتهم بأنفسهم بدلًا من الاعتماد على البنوك أو صناديق المؤشرات.
وأضاف أن المستثمرين الذين يفتقرون إلى الخبرة يتبعون الاتجاهات، يستمعون للمؤثرين، ويتعلمون مما يفعله الآخرون. وصرّح قائلاً: من غير المرجح أن يصبح المستثمرون الأفراد فجأة أكثر ذكاءً في قراراتهم الاستثمارية، ومن دون وجود لوائح حكومية، فإن سلوك التجمّع حول الكلمات الرائجة لن يتوقف.
يرى المحللون أن إدارة ترامب تبدو أقل اهتمامًا بتنظيم هذه الظاهرة وأكثر ميلًا للاستفادة منها. وأن استراتيجيتهم تتلخص في إذا كان الأمر حتميًا، فاستخدمه.
وقال يونغ جو الرئيس المقبل من المرجح أن يستفيد من حاملي رموزه كقاعدة مجتمعية قوية للعمل الجماعي. وأضاف أن قيمة الرمز ستعتمد على ما يقوم به ترامب. ومن غير المحتمل أن تنهار قيمته تمامًا ما لم يتخلّ الرئيس عن قاعدته الجماهيرية المتحمسة.
وأشار إلى أن إصدار عملات المشاهير، إذا تم بطريقة مسؤولة دون خداع المستثمرين، ليس بالضرورة ضارًا. واستشهد بتاريخ عملة البيتكوين التي كانت في بداياتها مرتبطة بمروجي خطط هرمية، لكنها الآن تعتبر رؤية استثمارية رغم انتقاداتها السابقة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.