عندما أغلق سيتي بنك Citibank حساب شركة منصة تداول العملات الرقمية سوان بيتكوين Swan Bitcoin في أكتوبر. فعل ذلك دون سابق إنذار أو إبداء أي تفسير للعملاء. التأكيد الوحيد لحدوث ذلك جاء في شكل شيك ورقي لرصيد الحساب. سُلّم إلى عنوان منزل قديم للسيد كوري كليبستن Cory Klippsten، الرئيس التنفيذي لشركة Swan.
"لم يكن هناك أي إشعار على الإطلاق" يقول كليبستن. "لم نتلقى أي مكالمة هاتفية، ولا بريد إلكتروني أو عادي- لا شيء. لقد أغلقوه وفقط ".
كان لدى شركة سوان Swan حساب ثانوي في بنك آخر. وبالتالي لا يزال بإمكانه تقديم كشوف المرتبات. ولكن بالنسبة لشركة أصغر يمكن أن يكون هذا "تهديد وجودي"، كما يقول كليبستن.
العملات الرقمية تحتاج إلى النظام المصرفي
صناعة العملات الرقمية المشفرة تحتاج إلى الخدمات المصرفية. لقد احتاجتها في السابق و سوف تبقى تحتاجها دائما. بدون شريك مصرفي، لا يمكن لشركات العملات الرقمية قبول الودائع بالدولار مقابل الخدمات أو مقابل العملات الرقمية المشفرة. ولا يمكنها دفع رواتب موظفيها أو حقوق موردي الخدمات.
وهذا يعني أن السعي لبناء نظام مالي جديد خالٍ من الوسطاء. يعتمد، بشكل مزعج، على الاتفاق مع هؤلاء الوسطاء أنفسهم - أي البنوك.
دائما ما كانت وول ستريت مترددة في العمل مع شركات الكريبتو. لذلك أصبح الكثيرون في الصناعة يعتمدون على بنكين أمريكيين فقط - سيلفرغيت Silvergate و سيغنتشر Signature.
قيمة هذين البنكين صارت لا تقدر بثمن بالنسبة للكثير من شركات الكريبتو. لأنهما كان يقدمان خدمات الدفع اللحظية حتى خارج ساعات العمل المصرفية التقليدية.
الآن لقد أغلق كلا البنكين،سيلفرغيت Silvergate بسبب التعرض المفرط لقطاع العملات الرقمية المتعثر و Signature بسبب أزمة السيولة الناجمة عن حالة الذعر المفاجئة و تدافع العملاء على سحب ودائعهم من البنك.
و لقد أدى ذلك بالعديد من شركات الكريبتو - وخاصة الصغيرة منها - إلى العودة إلى نقطة البداية: أي دون خدمات مصرفية ومع وجود عدد قليل من البدائل.
يقول ويليام كويغلي، المؤسس المشارك لشركة Tether المصدرة للعملات المستقرة USDT: "إن الخدمات المصرفية تمثل تحديا كبيرا لشركات العملات الرقمية المشفرة".
و أضاف :" الكثير من الأشخاص في صناعة الكريبتو محرومون من الوصول إلى الخدمات المصرفية. إنها مُشكلةٌ حقيقية."
عندما بدأت العملات الرقمية المشفرة في النمو في أوائل عام 2010. أغلب البنوك الرئيسية كانت مترددة في العمل مع قطاع رأت أنه محفوف بالمخاطر بطبيعته.
ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية ومع زيادة شهرة العملات الرقمية المشفرة. و انتقال استعمالها و الاهتمام بإمكاناتها من المختصّين و فئات محددة من المتحمّسين و المستفردين إلى الاهتمام العام.
شاهدنا أيضا ارتفاع معدلات القبول في وول ستريت. و بدأت البنوك الكبيرة مثل جي بي مورغان JPMorgan و BNY Mellon في التعامل مع منصات تداول العملات الرقمية المشفرة. والسماح لعملائها بتخزين العملات الرقمية المشفرة وتداولها. الهيئات الرقابية و التنظيمية كانت دائما تراقب هذا القطاع عن كثب. ولكن، فيما عادا بعض" التغييرات السريعة في السياسية" فإنهم عمليا لم يفعلوا الكثير.
انهيار سوق العملات الرقمية المشفرة و بداية تفاقم المشاكل
ثم في عام 2022، كان الانهيار الكبير في سوق الكريبتو و بطريقة مذهلة. في مايو من نفس العام، أدى فشل العملة الرقمية المستقرة تيرا لونا Terra - Luna إلى محو ما يقدر بنحو 60 مليار دولار من السوق.
ما أدى إلى سلسلة من الارتدادات التي أدت لاحقا إلى إسقاط شركة إقراض العملات الرقمية المشفرة سالسيوس Celsius. ثم صندوق التحوط Three Arrows Capitals.
و بدأت شركات الكريبتو تتساقط مثل أحجار الدومينو، حرفيا. فكل واحدة كانت تدفع الأخرى و تجرّها معها نحو الهاوية. ثم كانت الملحمة الكبرى مع قنبلة الإفلاس الغير متوقع من أي كان بورصة العملات الرقمية المشفرة FTX ، و الذي فاجأ الجميع داخل و خارج السوق.
الشركة كانت تعدّ ثاني أكبر منصة لتداول العملات الرقمية المشفرة من حيث أحجام التداول. و كان الكثيرون يشبّهونا مؤسسها بستيف جوبز و يلقّبونه بالعبقري.
و لكن، تبيّن فيما ما بعد أنها كانت قلعة من ورق يلعب فيها مجموعة من المراهقين و "الهواة". كما سماهم المشرف المعيّن على إدارة إفلاس الشركة.
مؤسسها "العبقري" مع مجموعة من دائرته المقربة يواجهون الآن 12 تهمة جنائية، بما في ذلك الاحتيال المصرفي والاحتيال الإلكتروني وغسل الأموال.
تحذيرات الهيئات الرقابية من العملات الرقمية
تداعيات تحطّم أجزاء كبيرة من صناعة العملات الرقمية المشفرة لم تنتشر في القطاع المالي التقليدي. لكن الهيئات الرقابية و التنظيمية في الولايات المتحدة و الكثير من دول العالم الأخرى شعروا بأن الأمر كان من الممكن أن يكون أسوء. و أن عليهم الآن التأكد من أن ذلك لن يحدث أبدا.
في بيان مشترك صدر يوم 3 يناير، حذّر مجلس البنك الاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) ومكتب مراقب العملة (OCC)، الوكالات المسؤولة عن استقرار النظام المصرفي الأمريكي، من أن العملات الرقمية تمثل "خطرًا كبيرا" على البنوك و النظام المصرفي.
و جاء في بيان التحذير: “من المهم ألا تنتقل المخاطر المرتبطة بقطاع الأصول الرقمية المشفرة التي لا يمكن تخفيفها أو التحكم فيها إلى النظام المصرفي". على الرغم من أن البيان أوضح أن البنوك الأمريكية "غير محظورة أو مثبطة" من تقديم الخدمات لشركات الكريبتو.
ومنذ بداية العام، دأبت الهيئات التنظيمية والبيت الأبيض على اصدار البيانات التحذيرية الموجهة للبنوك من الحد من تعرضها للعملات الرقمية المشفرة. وفي أواخر يناير، أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضًا أنه رفض طلب بنك Custodia، للانضمام إلى نظام البنك الاحتياطي الفيدرالي للدفع وفتح حساب رئيسي.
هذا كان سيتيح للبنك Custodia التنافس على قدم المساواة مع البنوك الوطنية الكبيرة. و بنك Custodia معتمد من الدولة و يقدم خدمات حفظ العملات الرقمية.
أغلب الأسماء الكبيرة من الشركات الأمريكية في مجال الكريبتو - والعديد من الأسماء الأصغر - لجأت إلى البنكين الذين فتحت أبوابهما للمشاركين في العملات الرقمية المشفرة و هما: سيلفرغيت Silvergate و سيغنتشر Signature.
بنك سيلفرغيت كان الأول الذي سقط
بدأ البنك في الترنح بعد انهيار بوصة أف تي أكس FTX وشركة ألاميدا للأبحاث Alameda Research - التي كانتا من أكبر عملائه - ما دفع العملاء إلى التدافع إلى سحب مليارات الدولارات من ودائعهم.
في 8 مارس الماضي ، أعلن البنك عن قرار إغلاقه الطوعي. وهناك أخبار الآن أن وزارة العدل الأمريكية تجري تحقيق مع سيلفرغيت بشأن التحويلات المالية و نوع الخدمات المقدمة إلى بورصة FTX و شركة التداول ألاميدا Alameda.
الوضع في بنك سيغنتشر Signature كان مختلف. فالبنك كان يحاول منذ ديسمبر تنويع قاعدة عملائه لتجنب مخاطر التركيز على قطاع الكريبتو. و هو الخطأ الذي ارتكبه بنك سيلفرغيت. ولكن، سمعته كبنك منخرط في قطاع الكريبتو.
إلى جانب الذعر الذي انتشر بين المودعين في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي (SVB). هذه الأسباب كانت كافية لدفع موجة ذعر أخرى لسحب الودائع من البنك. ما دفع المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع FDIC إلى الاستحواذ على البنك في 12 مارس.
في مقابلة مع بلومبرغ ، قال بارني فرانك Barney Frank عضو مجلس إدارة Signature، و عضو الكونغرس السابق و أحد المشاركين في صياغة الإصلاحات المصرفية الأمريكية في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008.
إن البنك كان يمكن أن ينجو، لكن الهيئات التنظيمية و الرقابية "أرادوا يعد رسالة (تحذير) لإبعاد الناس عن العملات الرقمية."
ولكن، قالت هيئة الخدمات المالية بولاية نيويورك في تصريح لوكالة رويترز إن "القرارات التي اتخّذت خلال عطلة نهاية الأسبوع لا علاقة لها بالعملات الرقمية المشفرة".
..../ يُتبع
المقال مترجم
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.