بينما تشهد العملات المستقرة صعودًا لافتًا عالميًا، وفي وقت بدأت فيه الحكومات تُعِد القوانين لاحتوائها، خرج مستشار في البنك المركزي الأوروبي بتصريحات مثيرة حول المخاطر المحتملة لهذه العملات على مستقبل النظام المالي الأوروبي. فهل أصبحت العملات المستقرة تهديدًا حقيقيًا؟ أم أنها فرصة تنتظر من يحسن استغلالها؟
البنك المركزي الأوروبي يتحدث... ولكن بحذر!
في مقال نُشر على مدونة البنك المركزي الأوروبي يوم الاثنين، قدّم يورغن شاف، أحد كبار مستشاري البنك، رؤيته حول العملات المستقرة.
الطريف أن المقال تميّز بتناقضه الظاهري؛ فبينما عدّد شاف فوائد هذه العملات، من الاستقرار إلى السرعة والكفاءة، لم يترك فقرة إلا وأنهاها بتحذير: "لكن هناك مخاطر!".
بين المخاوف التنظيمية، والتحديات التقنية، ومخاطر الطرف المقابل، كان الخط العام للمقال... تشاؤل محسوب.
👈 اقرأ المزيد: وحده "DYOR" يمكن أن يكون مساعدك المالي في عالم العملات المشفرة..كيف؟
المصارف تخسر سيطرتها... والسبب؟ العوائد!
أحد أبرز المخاوف التي طرحها شاف لم يكن تقنيًا، بل اقتصاديًا بحتًا: ظهور عملات مستقرة "مدرّة للعوائد"، أي تُقدّم أرباحًا لحامليها.
هذا النوع من العملات قد يدفع الأفراد والشركات إلى سحب ودائعهم من البنوك التقليدية، مما يقلل من قدرة تلك البنوك على الإقراض ويضعف نموذجها الربحي.
وفي أوروبا تحديدًا، حيث تشكل الودائع مصدر التمويل الرئيسي للبنوك، قد يؤدي هذا التحول إلى زعزعة الاستقرار المالي.
باختصار: لو أصبحت العملات المستقرة بديلاً مربحًا، فما حاجة الناس للبنوك؟
👈 اقرأ المزيد: دليل شامل لفهم ترميز أصول العالم الحقيقي (RWA) وتأثيرها على الاقتصاد
النظام الأوروبي يُنظّم بدل أن يُبدع؟
رغم كل هذه التحذيرات، يعترف شاف بأن هذا "الغموض الرقمي" قد يحمل في طياته فرصة نادرة لأوروبا.
فالاتحاد الأوروبي يملك ما وصفه بـ"الهيكل المؤسسي المستقر"، وقادر – حسب رأيه – على تحويل هذه المرحلة إلى مكسب إذا استثمر في البنية التحتية الرقمية، وطور الإطار التنظيمي، واحتضن الابتكار في العملات الرقمية.
لكن في المقابل، لا يُخفي المقال ميل أوروبا التاريخي نحو تنظيم كل شيء قبل أن تبتكر فيه، ما يجعلها غالبًا تتأخر بخطوة عن دول أخرى أكثر جرأة.
👈 اقرأ المزيد: مركزية أو لا مركزية | كيف تختار منصة العملات الرقمية المناسبة؟
رسالة مبطّنة: لا تنسوا اليورو الرقمي
كالعادة، لم يفوّت شاف الفرصة للترويج لليورو الرقمي، العملة التي يطوّرها البنك المركزي الأوروبي والتي لا تزال تفتقد إلى الحماس الشعبي أو التبني الواسع.
لكنه يحاول ربطها بما وصفه بـ"فرص تقنيات السجلات الموزعة" – أي تقنيات البلوكتشين – التي قد تسهم في تحديث النظام المالي وتعزيز كفاءته.
باختصار: أوروبا تريد التغيير، ولكن بطريقتها الخاصة، وبإيقاع بطيء... ومحسوب.
رغم أن شاف لم يُجزم بمستقبل العملات المستقرة، إلا أن مقاله يُجسد لحظة فارقة في النقاش الأوروبي حول التكنولوجيا المالية.
👈 اقرأ المزيد: ZachXBT: المحقق الذي يخشاه محتالي العملات المشفرة.. من هو؟
إذا، هل ستكون أوروبا، بقوانينها المحكمة؟ أم دول مثل الإمارات التي بدأت بالفعل بفتح أبواب بنوكها أمام العملات الرقمية؟
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
