يتطلع مجتمع العملات الرقمية إلى عام جديد خالٍ من الأزمات والقضايا والإفلاسات والانهيارات ومليء ببعض بالأمل والابتكار. لكنا قبل أن نطرح طروحات واحتمالات وتوقعات العام على الباب، دعونا نستذكر الأحداث والدراما والمواقف المركونة على رفوف عام 2023!
في هذا المقال نستذكر عام 2023 المليء اللحظات البارزة والمنعرجات الحاسمة لصناعة العملات الرقمية. ونستحضر فيه القضايا الأكثر جدلًا التي غيّرت وجه الصناعة للأبد.
بعض الأوكسجين يصل إلى عروق شركات العملات الرقمية المستهدفة قضائيًا!
بعد أزمات شاقة في نهاية عام 2022 المنصرم، بدأ عام 2023 الذي يوشك أن يفل بقليل من الحماس وكثير من الحذر. وإن كانت هناك جهات رابحة فقط فهي بلا شك شركات المحاماة التي تولت الدفاع عن شركات التشفير التي تخوض صراعات مع المنظمين الأمريكيين في أروقة المحاكم كل حين!
منذ أمد، تتخذ هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) حماية المستثمرين الأمريكيين ذريعة لكل حملاتها ضد الشركات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية. ويبدو أن شركات العملات الرقمية بالتحديد أصبحت في خانة الاستهداف المباشر من الهيئة التنظيمية. طبعًا بسبب مشاكسة بورصات العملات الرقمية للنظام المالي التقليدي الذي يتحكم فيه النظام السياسي!
منذ ديسمبر 2020، شرعت الهيئة الأمريكية في حملة قضائية شرسة ضد شركة الريبل المصدرة لعملة XRP. باعتبار أن العملة المشفرة XRP ورقة مالية. ثم تمددت المحاكمة سنة وراء سنة حتى وصلت لنهايتها في خريف 2023.
لكن، في بداية صيف 2023 (5 يونيو 2023)، قررت SEC القيام بحملة وُصفت بـ "المسعورة" على عدد من شركات التشفير. حيث رفعت دعاوى قضائية جماعية ضد بورصات العملات المشفرة الرئيسية، مطالبة أياهم بتطبيق قانون 1946 على صناعة ظهرت في 2008 ولا تزال تتشكل معالمها!
وتصر الهيئة التنظيمية التي يقودها الفذ غاري جينسلر إلى ترقيع عباءة اللامركزية بالتشريعات المركزية. بينما نكاد نقتنع أحيانًا أن SEC تقوم بحملات تطهير سياسية أكثر من حملات تنظيم القطاع المالي!
مقاضاة بينانس وكوين بيس ونشر غسيل هيئة الأوراق المالية والبورصات في الطرقات العامة
في 6 يونيو/حزيران 2025 وبعد عدة ساعات من إعلان SEC جرها بورصتي بينانس وكوين بيس إلى المحاكم، فقد سوقُ العملات الرقمية الإجمالي أكثر من 70 مليار دولار في 24 ساعة!
أيضا، شهدت الرموز المميزة والعملات الرقمية التي صنفتها الهيئة التنظيمية كأوراقٍ ماليةٍ مثل سولانا (SOL) وكاردانو (ADA) والريبل (XRP) وبوليجون (MATIC) انخفاضاً حاداً في أسعارها.
لكن الانحدار في السوق لم يدم طويلًا، بعد ما يزيد قليلًا عن الشهر عن دعاوى SEC ضد بينانس وكوين بيس،(بالتحديد 13 يوليو/تموز)، شكل قرار القاضية أناليسا توريس صفعة قوية لغاري جسنسلر وهيئته. حيث حكمت توريس أن الريبل لم تكن ورقةً ماليةً وأن مبيعات XRP لم تشكل عقود استثمار.
مباشرة بعد صدور ذلك الحكم، ارتفع سعر XRP بنسبة مذهلة بلغت 73% في يومٍ واحد. مما أشعل فتيل موسم العملات البديلة. كما حققت الأصول الرئيسية، بما في ذلك السيدة بيتكوين مكاسب مذهلة.
لاحقًا في 19 أكتوبر/تشرين الأول، وضعت هيئة الأوراق المالية والبورصات نفسها في وضع محرج واضح! حتى لا تتعرض لمواضع إحراج عديدة واضحة لاحقًا. إذ، قررت من قرارة نفسها التخلي عن التهم التي وجهتها إلى المديرين التنفيذيين لشركة الريبل على مدار ثلاث سنوات كاملة! لقد دفعوا كل تلك التكاليف القضائية من أجل لا شيء.
بيتكوين يموت 474 مرة ويعود للحياة للمرة 475!
بعد أن تدهورت صناعة العملات الرقمية ي 2022، فقد بيتكوين عام 2022 أكثر من 60٪ من قيمته. ولامس مستوى سعر 15 ألف دولار بعد مسيرة صعود تاريخية في عام 2021. ولفهم حجم الكارثة، يكفي القول أن إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة انخفض من 2.1 تريليون دولار إلى 700 مليار دولار، مسجلاً خسائر فاقت 1.4 تريليون دولار!
ثم كما ذكرنا أصرت هيئة الأوراق المالية والبورصات على رسم صورة حالكة السواد فيما يتعلق بمستقبل الصناعة. وفجأة عاد عدم اليقين والشك ليطفو على السطح ويصبح حوارًا يوميًا ووسمًا متصدرًا.
لكن بيتكوين، مثلما فعل في 473 مناسبة سابقة، أصر على العودة لكبد السماء وتجاوز السعر 25 ألف دولار. ثم 30 ألف دولار ثم 35 ألف دولار حتى تجاوز 42 ألف دولار الحاسمة في التحليلات الفنية! لقد عاد بيتكوين ليعانق الحياة بقوة، وكل المؤشرات تشير إلى صعود قوي قادم! وسط ترقب الموافقة على صندوق الاستثمار المتداول (ETF) المدعوم بالأسهم الفورية (Spot) واتجاهات اقتصادية كلية مواتية.
في نهاية عام 2023، ارتفعت عملة البيتكوين إلى 45 ألف دولار، مسجلة مكاسب بنسبة 170٪ لهذا العام. كما، ارتفع سعر إيثريوم إلى 2400 دولار، وهو مكسب متواضع بنسبة 100٪. على الرغم من المخاوف من قيام FTX ببيع حقيبتها، فقد ربحت سولانا ما يزيد عن 945%٪ هذا العام.
محاكمة سام بانكمان فريد تكشف حقيقة الباب الخلفي في FTX. وتشابك العلاقات الشخصية والمهنية في البورصة العملات الرقمية المفلسة وجناية الاحتيال عن سبق اصرار وتصميم!
لا شك أن سقوط بورصة FTX كان دراما مثيرة، لقد تفوقت تعقيدات القصة على موت جيرالد كوتين واختفاء مفاتيح أموال كوادريغا. كانت نهاية FTX مرعبة ومخيفة وجعلت الشامتين في الصناعة في الطليعة!
أيضا كانت الخسائر لا تصدق وطريقة الإدارة الهاوية غير معقول. وما زاد الطين بلة وخلق الحنق كان تشابك العلاقات بين مدراء المنصة ومخططات الاحتيال المتفق عليها. ثم أثناء المحاكمة الشهيرة التي استمرت لشهر كامل تكشفت المصائب الحقيقية واتضح اللبس. لكن لم يتعرض للإهانة سوى محامي سام بانكمان فريد الذي بدا هاويًا أكثر من موكله!
بعد انتهاء اسطورة FTX وغروب شمس فتاها، حاول سوق العملات الرقمية التعافي من الفوضى التي أحدثها سقوط بورصة سام بانكمان فريد (SBF) طوال معظم عام 2023.
ثم أخيرًا، جاء وقت الحساب، حيث واجه SBF تداعيات وتبعات قيادته المشينة لبورصة ائتمنها 5 ملايين مستخدم على أموالهم. واتضح أن الفتى الثلاثيني سيقضي ما تبقى من عمره وراء القضبان. بينما غدر به أصدقائه في أول فرصة، لا يذكرني ذلك إلا لجملة اعتدت سماعها من المرحومة جدتي: "ماأكثر أصحابك وما أتلف خيارهم!".
سام بانكمان فريد حاول، بكل ما في وسعه، التملص من السجن، مستخدمًا مجموعة متنوعة من التكتيكات تتراوح بين التشكيك في صحته العقلية والشكوى من تفاصيل تافهة كما ادعى أنه حصل على موافقة محامي البورصة المفلسة على كل جرائمه وأنه لم يدرك أنها جرائم.
على كل، كشفت المحاكمة الأسطورية، أن SBF كذب على العملاء بشأن أمان ودائعهم بينما كان يسرف هو نفسه في هذه الأموال. كما أن المتعاونون مع المجرم الرئيسي الذين حصلوا على صفقة إقرار بالذنب كانوا قد كشفوا عن ممارسات احتيالية وإجرامية في البورصة منذ تأسيسها.
ينتظر SBF الآن في زنزانته، النطق بالحكم النهائي المقرر في 28 مارس 2024. ويقترح الخبراء أن الرئيس التنفيذي المخلوع قد يواجه عقوبة بالسجن لفترات طويلة تصل إلى 115 عامًا.
الهجوم على صناعة الرقمية | الطريق المختصر لتصدر العناوين في أبرز وسائل الإعلام
في الصناعة المالية التقليدية، يتخوف أصحاب السلطة من بلوك تشين واحتمالية الكشف عن مسار المعاملات المالية في المركزية. لذلك لا يتوانى الكثير من هؤلاء الزعماء المركزيين في شن هجوم على صناعة العملات الرقمية وكل ما هو لامركزي!
على سبيل المثال لا الحصر، بينما تتفاوض شركته بلاكروك بحماس للحصول على صندوق استثمار فوري في بيتكوين، وصف لاري فينك، الرئيس التنفيذي لشركة بلاكروك، صناعة العملات الرقمية، بأنها مجرد عملية احتيال.
فينك ليس الوحيد الذي يتناقض مع شركته حول الصناعة المبتكرة، على الجهة الأخرى، لا يتوانى الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجن في مهاجمة العملات الرقمية رغم اصدار البنك الذي يديره عملة رقمية وتسارعها للتعاقد مع شركات الأصول الرقمية.
على كل حال، في وقت سابق من هذا العام، شهد سوق العملات المشفرة تحولًا ملحوظًا في الأحداث حيث عبرت شركات إدارة الأصول الكبرى، بما في ذلك بلاكروك وفيديليتي، عن اهتمامها بإطلاق صندوق استثمار متداول (ETF) مرتبطًا بالبيتكوين الفوري.
وبينما نترك 2023 خلفنا، دعونا نأمل أن يكون عام 2024 مبهجًا وإيجابيًا. خاصة مع احتمالية الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة في بداية شهر يناير من العام الجديد.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
