توسع حجم التبادل في قطاع العملات المشفرة في تركيا بنحو 1500٪ خلال العام الماضي 2021، لتكون بذلك أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط، بحسب تقرير صادر عن تشين أنالايسيز Chainalysis.
وفي الوقت الراهن، تعمل في تركيا ما يقارب أربعين منصة للعملات المشفرة، تقدم خدماتها إلى نحو 85 مليون شخص، ومن أشهر هذه المنصات، بينانس، باريبو، وبي تي سي ترك.
لهذه الأسباب ينشط سوق العملات المشفرة
يستفيد قطاع العملات المشفرة في تركيا - منذ العام 2020 - من التقلبات العالمية في الأسواق، إلى جانب انخفاض قيمة العملة المحلية - الليرة التركية، حيث دفع هذا الانخفاض العديد من الأفراد والمؤسسات إلى البحث عن طرائق جديدة لاستثمار أموالهم وتوفيرها بشكل آمن.
تعاني الليرة التركية منذ نحو عقد من الزمان من هبوط سعر صرفها مقابل الدولار الأميركي، إذ انخفضت بين عامي 2013 و2018، بنحو 4 مرات مقابل الدولار، فيما خسرت في العام الماضي 2021 نحو 44٪ من قيمتها، إضافة إلى 25٪ أخرى في العام الجاري 2022، الأمر الذي أدى إلى خسارة نحو 70 ٪ من قيمتها خلال ثلاث سنوات.
كما أسهم ارتفاع معدل التضخم إلى زيادة جاذبية العملات المشفرة للأتراك.
ويرجع مراقبون ذلك إلى السياسات النقدية الخاطئة التي يتبعها البنك المركزي في تركيا، إذ يرفض التراجع عن أسعار الفائدة، إلى جانب رفضه رفع الأسعار بالرغم من ارتفاع الأصوات المطالبة بذلك، بينما تسعى الحكومة إلى كبح انهيار العملة الوطنية، عبر منع تداول العملات الأجنبية بين السكان، إلا أن مساعيها لا تؤدي إلى نتيجة.
تداول الأصول المشفرة أسهل من التداول التقليدي
أظهر استطلاعات للرأي أن نحو 16-20٪ من السكان الأتراك يستخدمون العملات المشفرة منذ عام 2020 إلى العام الجاري 2022، فيما ذكر متحدث من منصة باريبو (Paribu) إحدى أكبر منصات التداول في السوق التركية، أن الأتراك اعتادوا الاحتفاظ بأصولهم بالدولار الأميركي تجنباً لتذبدب سعر الليرة التركية، لكنهم يتجهون الآن إلى العملة المشفرة.
ونظراً لحالة التضخم التي يعاني منها الاقتصاد العالمي، وارتفاع أسعار النفط ومشتقاته، فإن السكان في تركيا بدوا مترددين تجاه الاعتماد على العملات الأجنبية في الحفاظ على مدخراتهم، ما دفعهم إلى التفكير في العملة الرقمية، التي تبدو أكثر استقرارا وأمانا من الليرة التركية، والعملات الأجنبية أيضا.
ثمة مغريات أخرى في العملات المشفرة، كونها لا تتطلب معرفة مسبقة بكيفية التداول أو استخدام التقنية، بعكس الاستثمارات التقليدية مثل سوق الأسهم، أو بورصة العملات والعقارات، كما أنها تتيح الاستثمار فيها بمبالغ بسيطة، وربما أن عدم تقديم ضرائب عنها إلى الدولة كان حافزا إضافيا.
مواقف حكومية متناقضة واتجاهات غير محددة
مثل بقية الأسواق العالمية، فإن السوق التركية لا تبدو مستقرة وآمنة في ظل التقلبات العالمية التي تلحق بقطاع التشفير، خصوصا المنصات العالمية التي تعمل هناك، بسبب تصاعد القيود التي تفرض على هذه المنصات في دول عدة، كما يسهم في ذلك الهبوط الحاد الذي أصاب العملات الرقمية أخيراً.
كما شهدت السوق التركية إغلاق منصتين محليتين في أبريل من العام الماضي 2021، إذ أشيع أن رئيس شركة ثوديكس قد هرب إلى ألبانيا وأخذ معه الأموال المستثمرة في منصته، والتي تبلغ ملياري دولار، في الوقت الذي تم فيه اعتقال عدد ممن قيل إنهم شركاؤه، إلى جانب إغلاق منصة فيبيتكوين التي اعتقل أيضاً أربعة موظفين يعملون بها، ولم يستطع المتداولون تحصيل أموالهم المخزنة في المحافظ الرقمية.
أدّت هذه الأمور مجتمعة إلى زيادة شكوك الدولة حول سوق العملات المشفرة المحلية، إذ تخشى الحكومة من انخفاض قيمة العملة المحلية التقليدية، وفقدان ثقة الجمهور بها، الأمر الذي دفع المسؤولين المحليين إلى اتخاذ موقف مضاد للعملات الرقمية، بالرغم من تزايد أعداد مستخدمي الأصول المشفرة سواء بالتداول أو الادخار.
الجدير بالذكر، أنه بالرغم من الموقف الرسمي السلبي، إلا أن مسؤولين أتراك كشفوا عن توجه رسمي لإصدار عملة رقمية وطنية، إضافة إلى مطالبة آخرين بتبنّي سياسات وتشريعات جديدة تسهم في ضبط أسواق العملات المشفرة.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.