في كأس العالم الأخيرة لكرة القدم التي تميزت دولة قطر في تنظيمها، سطع بريق قطاع التشفير بشكل لا مثيل له. وخاصة الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs. إضافة إلى أن منصة التشفير الرائدة كريبتو.com كانت راعيا رسميا للحدث العالمي. التنظيم كذلك شجعه بروز قادة التشفير حيث شجع أغلبهم فرقهم المفضلة في كأس العالم. ليس هذا فقط بل جاءت الإحصائيات بأن كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية بين متداولين في الأصول المشفرة.
الرياضة تجد الراعي المالي الأبرز في قطاع التشفير
في الحقيقة تستفيد كرة القدم من التشفير بنفس القدر الذي يستفيد فيه قطاع التشفير عالي المخاطر من كرة القدم. فرغم أنهما مجالان مختلفان إلا أنهما توصلا إلى نقطة إلتقاء و تلاحما في كثير من النقاط. أبرز ما يتشاركه المجالان هو الحماس والشغف وأغلب مستخدمو الأصول المشفرة هم من مشجعي كرة القدم.
بسبب النفقات الكبيرة في القطاع، خاصة رواتب اللاعبين، دائمًا ما تلجأ أندية كرة القدم إلى تدفقات جديدة للإيرادات. سابقا قبل وباء كورونا، استخدمت الفرق الطرق التقليدية من ايرادات التذاكر وحقوق البث والرعاية إضافة إلى التعاونات مع الماركات و الإشهار.
لكن الوباء هدد مصادر الدخل التقليدية لأندية كرة القدم. فلجأت الأندية لاستحداث تدفقاتها وتوجهت إلى التعاون مع قطاعات شغوفة ولها نفس حماس كرة القدم. وقد بدى التشفير بجميع أشكاله (الرعاية ، NFTs) مصدرًا جديدًا للكثير من الأموال. وسعى قادة الأندية إلى جلب مستثمرين جدد عبر الإنترنت إلى كرة القدم.
من جانبهم، بدى أن قادة العملات المشفرة لم يستهينوا بفرصة إبراز صورتهم عبر الرياضة التي تحظى بجاذبية جماهيرية عالية.
بلغ أسعار العملة المشفرة الأولى بيتكوين ذروتها في نوفمبر 2021. حيث حققت البيتكوين BTC أعلى قيمة لها عند 69 ألف دولار ويتواجد السعر في منصف شهر يناير 2023 حول خط 21 ألف دولار. بسبب انهيار السعر هذا أفلست العديد من شركات التشفير. أو ربما تمت تصفية القطاع من بعض الدخيلين.
لكن التشفير لم يندثر بسقوط الأسعار بل زاد انتشارًا. حتى وصل عدد المستخدمين للوصول المشفرة في العالم إلى أكثر من 900 مليون مستخدم. وهذا بفضل توسع التشفير إلى الاستثمار في قطاعات ذات قاعدة جماهيرية شغوفة بالربح.
التشفير أم كرة القدم: من يستثمر في من؟ (التشفير يوسع قائمة المستخدمين بفضل التعاون)
بالفعل كانت لكرة القدم موعد مع التشفير يناير 2021، عندما تم نقل المهاجم الإسباني ديفيد بارال توريس David Barral Torres، من الفريق الرديف لريال مدريد إلى فريق DUX المدريدي في صفقة تم تمويلها بالكامل باستخدام البيتكوين.
ثم تلى تلك الصفقة انضمام سبعة أندية في الدوري الإنجليزي الممتاز، بما في ذلك برايتون وهوف ألبيون وتوتنهام هوتسبير، إلى موقع التداول في الأصول المشفرة eToro. وكذلك قامت منصة socios.com برعاية قمصان أكثر من 64 ناديا لكرة القدم. وتبيع المنصة رموز غير قابلة للاستبدال للأندية التي ترعاها ورموز المشجعين تشيليز.
قدمت شركة Socios.com تمويلا من نوع حديث (عن طريق رموز المعجبين) لعدد من الأندية الأوروبية. يقول الرئيس التنفيذي للمنصة ألكسندر دريفوس Alexandre Dreyfus أن رموز المعجبين هي نوع من العضوية الرقمية التي تمنح المعجبين حق التقدير. حيث يصبح لدى المشجعين الذين اشتروا رموز المعجبين صلاحيات التدخل في أمور تشمل الموسيقى في الملعب عندما يسجل الفريق هدفًا أو تصميم القميص للموسم المقبل.
في ربيع 2022، اجتذب ليفربول السخرية بعد فشل خططه لبيع أعمال فنية رقمية (NFTs) لفريقه الأول ومدربه يورغن كلوب. وبلغ عدد الرموز غير القابلة للاستبدال المعروضة للبيع حوالي 171 ألف صورة. لو تمكن النادي من بيعها لكان قد حقق 11.2 مليون دولار حسب سعرها وقتئذ. لكن فقط 6% من الرموز تم بيعها.
في الوقت الراهن يتم تداول الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs لفريق ليفربول في السوق المفتوح OpenSea. وبمعدل سعري يصل إلى 12.8 دولار. رغم أنه تم بيع بعض القطع سابقا بسعر أقصى بلغ 70 دولار. المستخدمين الذين اشتروا NFTs يمكنهم حضور اجتماعات مجلس الإدارة بشكل افتراضي والمشاركة في صنع القرار.
في يوليو 2022، ذكرت وسائل إعلام أن نادي كراولي تاون باع أكثر من 10 آلاف رمزا غير قابل للاستبدال بقيمة إجمالية قدرها 4.8 مليون دولار إلى أكثر من 5400 مشتري. لكن منذ ذلك الحين، انخفض حجم التداولات ومتوسط سعر الرمز المميز بشكل حاد.
إلى الآن، تتمتع ايرادات NFTs ذات الصلة بكرة القدم بسمعة متذبذبة، ترتفع أسعار رموز بعض الأندية ثم تنخفض بين ليلة و ضحاها. مثلا شهدت NFT الفريق الإنجليزي آرسنال انخفاضًا في الأسعار بنسبة تزيد عن 80% عن الذروة. مما يعني أن المشجعين الذين اشتروا قد تكبدوا خسائر كبيرة محتملة.
تختلف الطرق و الغاية واحدة
من جهة يهدف التشفير إلى توسيع قائمة مستخدميها عن طريق الوصول إلى جمهور كرة القدم الشغوف والذي يشكل قاعدة واسعة لأي استثمار. لكن قد يصبح تمويل كرة القدم مقصورًا على فئة معينة أكثر من أي وقت مضى. و من جهة أخرى لا تعتبر الأندية أنها تبيع أصولا مشفرة لمشجعي كرة القدم بل هي تسوق كرة القدم لهواة جمع NFT.
لكن كشف مالك نادي كراولي تاون أن المتعصبين في المدرجات لا يمكن أن يكونوا سوقًا مستهدفًا على الإطلاق في علاقة التشفير و كرة القدم. و إنهم مهتمون أكثر بما يسميه "جمهور الويب 3.0 WEB3". لكونهم يفهمون بأن تقنية البلوك تشين يمكن استخدامها لتغيير الطريقة التي نستخدم بها الإنترنت. وإلغاء مركزية القوة من عمالقة التكنولوجيا.
أما فيما يتعلق بالمشجعين أنفسهم، فهم يدمجون بين العملات الرقمية و رياضتهم المفضلة للتمكن من التأثير في قرارات أنديتهم ودعمها ماديا أيضا. لكنهم يدركون أيضا أن سيكونون أبقار حلوب لأنديتهم المفضلة وإلا سينتهي تأثيرهم سريعا. سيطلبون التذاكر والبضائع كل موسم. وهذا يمنحهم حق التذمر والاحتجاج.
في الختام، قطاع التشفير لا يزال يواجه الكثير من التقلبات و يعرف التغيرات كونه حديث و مبتكر و يفتقر إلى القوانين و التنظيم. وقطاع كرة القدم يحتاج رعاة جدد و موردا للأموال لتغطية التكاليف بعد تراجع ايرادات الطرق التقليدية. ثم أن المشجع المتحمس لفريقه يسعى ليكون جزء من منظومة فريقه. و المتداول التقليدي للأصول المشفرة يحتاج قائمة مستخدمين أوسع لتحقيق الأرباح و الهوامش. و بناء على كل هذا، نجد أن تعاون التشفير و كرة القدم قد خدم جميع الأطراف.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.