شهد سوق العقارات في دبي خلال شهر مايو دفعة قوية نحو رقمنة وترميز ملكية الأصول العقارية، حيث تجاوزت قيمة الصفقات العقارية المُرمّزة 399 مليون دولار، أي ما يعادل 17.4% من إجمالي معاملات السوق خلال الفترة نفسها. ويأتي هذا التطوّر في ظل زخم تنظيمي متصاعد، واهتمام متنامٍ من مؤسسات كبرى بتقنيات تحويل الأصول الواقعية إلى رموز رقمية (RWA).
سجّل سوق العقارات في دبي خلال مايو 2025 أداءً غير مسبوق، إذ بلغت قيمة المبيعات العقارية 66.8 مليار درهم، أي ما يعادل نحو 18.2 مليار دولار، موزّعة على أكثر من 18,700 صفقة.
ويأتي هذا الزخم اللافت وسط تحرّك منظّم نحو ترميز الأصول العقارية، في وقت يشهد السوق تحوّلات تكنولوجية وتنظيمية جذرية تعيد رسم معالم الملكية والاستثمار.
الطلب يزداد... والتكنولوجيا توسّع فرص التملّك
تُظهر بيانات Property Finder أن شهر مايو سجّل أكثر من 18,700 صفقة، بقيمة تفوق 18.2 مليار دولار، بزيادة 44% على أساس سنوي من حيث القيمة، و6% من حيث عدد الصفقات.
هذا الأداء القوي جاء في ظل زخم واضح على صعيد تقنيات التملّك الجزئي، ما يدلّ على استعداد السوق للتحوّل الرقمي في هيكلة الملكية العقارية.
ويُذكر أن السوق الأولي، الذي يشمل البيع المباشر من المطوّرين، تجاوز 17.9 مليار درهم عبر 2,400 صفقة، محقّقًا نموًا بنسبة 314% مقارنة بالعام الماضي. أما السوق الثانوي، أي سوق إعادة البيع بين الملاك، فبلغت قيمته 24 مليار درهم مع 6,078 صفقة، في دلالة على الطلب المستمر عبر مختلف مستويات السوق.
ما هو التملّك الجزئي و ترميز الأصول العقارية
ويُقصد بالتملّك الجزئي شراء جزء من عقار كبير– مثل شقة أو مبنى – دون الحاجة إلى امتلاك الوحدة بالكامل. وتُتيح هذه الطريقة للمستثمرين دخول السوق بمبالغ أقل، مع الاحتفاظ بجزء من حقوق العائد أو الأرباح الناتجة عن العقار.
وتتحقّق هذه الإمكانية بفضل ما يُعرف بـ ترميز الأصول العقارية، أي تحويل العقار الحقيقي إلى رموز رقمية قائمة على تقنية البلوكشين، يمكن تداولها وامتلاكها مثل الأسهم. كل رمز يمثل جزءًا من ملكية العقار، ويمكن بيعه أو شراؤه أو نقله عبر منصّات مرخّصة، ما يجعل التملّك أكثر مرونة وشفافية، ويقلل من الحواجز التقليدية المرتبطة بالتسجيل والإجراءات القانونية.
من الفكرة إلى الإطلاق الرسمي: منصة حكومية مرخّصة لترميز الأصول العقارية
في خطوة غير مسبوقة، أطلقت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، بالتعاون مع مصرف الإمارات المركزي ومؤسسة دبي للمستقبل، أول منصّة حكومية مرخّصة بالكامل في الشرق الأوسط لتمكين المستثمرين من شراء حصص رقمية (مُرمّزة) في عقارات جاهزة للتداول، ما يفتح المجال أمام التملّك الجزئي ويكسر الحواجز التقليدية أمام دخول السوق العقاري.
ويأتي هذا الإطلاق بعد تعديل هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي (VARA) للوائحها بتاريخ 19 مايو، بإدراج الأصول الواقعية المُرمّزة ضمن إطار تنظيمي واضح، يمهّد الطريق أمام الوسطاء والمستثمرين لإطلاق وتداول الأصول العقارية المُرمّزة بثقة وشفافية.
اقرأ أيضا : دبي: هيئة VARA تحذّر المستثمرين من عمليات ترويج مزيّفة لمشروع ترميز الأصول العقارية
دبي تفتح أبوابها للاستثمار المؤسسي في ترميز الأصول العقارية
من أبرز الصفقات التي شهدها الشهر، صفقة لشراء أرض في نخلة ديرة بقيمة 1.5 مليار درهم، ما يُبرز ثقة المستثمرين المؤسسيين في مسار النمو طويل الأمد لدبي، وخصوصًا في المناطق ذات الجاذبية المتزايدة مثل الخليج التجاري والبرشاء وواحة الصفا 3.
وتعليقًا على هذه القفزة، صرّح شريف سليمان، المدير التنفيذي للإيرادات في Property Finder، أنّ إطلاق المنصّة الحكومية لترميز العقارات يؤكد أنّ "دبي لا تقود سوق العقار فحسب، بل تعيد تشكيله من الداخل". وأضاف أنّ "السوق بات يشهد دخول قرابة 1,000 ساكن جديد يوميًا، أي ضعف وتيرة العام الماضي، ما يُعزز الطلب على أنماط تملّك مرنة وذكية".
ترميز الأصول العقارية: استثمار جزئي بفرص عالمية
يرى سكوت ثايل، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة Tokinvest، أن التحوّل الجاري في دبي ليس مجرّد تجربة، بل "تجلٍ واقعي لتطوّر السوق". وأكّد أنّ ترميز العقارات سيسهم في زيادة السيولة، وتوسيع قاعدة المستثمرين، من خلال تقسيم العقارات إلى حصص قابلة للتداول، بما يُناسب الأفراد محليًا ودوليًا.
وتُظهر المؤشرات أنّ ترميز العقارات لن يواكب النمو فحسب، بل سيُسهم في تسريعه، باعتباره قناة استثمارية جديدة قائمة على تقنية البلوكشين، تُسهّل عمليات البيع والشراء وتضمن الشفافية والتوثيق اللحظي.
خلاصة
لم يعد ترميز الأصول العقارية في دبي مجرّد مشروع مستقبلي، بل واقع مؤسسي منظّم، تتقاطع فيه السياسة العقارية مع التكنولوجيا والطلب العالمي.
تحرّك دبي المتسارع نحو ترميز العقارات لا يعبّر فقط عن طفرة تقنية، بل يعكس كذلك تحوّلًا عميقًا في فلسفة التملّك والاستثمار العقاري
. وبينما تتكامل جهود الهيئات التنظيمية والمؤسسات الخاصة، تبدو الإمارة ماضية بثبات نحو قيادة السوق العالمي في مجال رقمنة الأصول العقارية، بما يتيح فرصًا استثمارية جديدة لفئات أوسع من المتداولين والمستثمرين.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
