في سابقة هي الأولى من نوعها، أعلن صندوق النقد الدولي (FMI) عن تحديث شامل لمعاييره الإحصائية الاقتصادية للمرة الأولى منذ عام 2009، واضعاً العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين (BTC)، ضمن الإطار الرسمي لتحليل الاقتصاد الكلي.
هذه الخطوة لا تعني الاعتراف بالبيتكوين كعملة قانونية، لكنها تشكّل تطوراً بالغ الأهمية في كيفية تعامل المؤسسات الدولية مع الأصول الرقمية.
دليل BPM7: حين تعترف المؤسسات التقليدية بالواقع الرقمي
التحديث الجديد، المسمى BPM7، هو النسخة المحدثة من دليل ميزان المدفوعات والمركز الخارجي العالمي، وهو المرجع الأساسي الذي تستخدمه الحكومات حول العالم لتصنيف وتحليل المعاملات الاقتصادية الدولية.
ولأول مرة، يخصص الدليل فصولاً واضحة لفهم كيفية تصنيف العملات الرقمية ضمن الحسابات القومية. وبدلاً من تصنيفها جميعاً تحت عنوان واحد، قام صندوق النقد بتمييز أنواع الأصول الرقمية حسب خصائصها الاقتصادية.
أبرز ما ورد في التحديث هو تصنيف البيتكوين كـ"أصل غير مالي غير منتج"، أي أنه لا يصدر عن جهة مركزية ولا يُمثّل التزاماً مالياً من طرف ثالث، بل يُشبه في ذلك المعادن الثمينة أو الموارد الطبيعية.
هذا التصنيف لا يضفي على البيتكوين طابعًا نقديًا، لكنه يضعه في خانة أصول التحوّط التي يمكن للدول أن تحتفظ بها كجزء من ثرواتها، ما قد يفتح الباب مستقبلاً أمام استخدامه في ميزانيات البنوك المركزية أو الصناديق السيادية.
العملات الرقمية المرتبطة بالأصول: تصنيف مختلف تمامًا
في المقابل، يتم التعامل مع العملات الرقمية المرتبطة بالتزامات مالية مثل:
- العملات المستقرة (Stablecoins)
- الرموز المالية (Security Tokens)
- العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية
على أنها أدوات دين (Debt Instruments) يجب إدراجها ضمن فئة فرعية من الأوراق المالية. فبحسب نص الدليل:
"تُعد هذه التوكنات أدوات قابلة للتداول تمثل إثباتاً للدين ويجب تصنيفها بشكل منفصل ضمن فئة الأوراق المالية."
وبهذا يُفرق الصندوق بوضوح بين البيتكوين كأصل تحوطي حر، وبين باقي الأصول الرقمية التي تمثل التزامات مالية وتخضع لقواعد محاسبية مختلفة.
التعدين والتخزين والتثبيت... كلها "خدمات" اقتصادية
أما في ما يتعلق بآليات مثل التعدين (Mining) والتخزين أو الستاكينغ (Staking)، فإن FMI يصنفها كأنشطة خدمية. بمعنى أنها تندرج ضمن بند "الخدمات"، ما يتيح للدول إدراج عوائدها ضمن ميزان الخدمات، وليس كدخل رأسمالي أو نشاط صناعي.
رغم أن هذه الخطوة لا تُعد اعترافاً رسمياً بالبيتكوين كعملة، إلا أنها تمثّل لحظة فارقة في العلاقة بين الأصول الرقمية والمؤسسات المالية العالمية. فبعد سنوات من التجاهل أو التحذير، نجد أن صندوق النقد يعترف اليوم بأن العملات الرقمية أصبحت جزءاً لا يمكن تجاهله من الاقتصاد العالمي.
كما يُنتظر أن يُصدر الصندوق لاحقًا ما سمّاه بـ "دليل تجميعي حول الأصول الرقمية"، بهدف تقديم إرشادات أكثر تفصيلًا للحكومات والبنوك المركزية حول كيفية التعامل الإحصائي مع هذه الفئة المتنامية من الأصول.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
