في موقف لافت يعكس تحوّلًا تدريجيًا في نظرة المؤسّسات الأمريكية إلى أسواق العملات الرقمية، أعرب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عن دعمه لتقدّم مشاريع القوانين التي تهدف إلى تنظيم هذا القطاع، معتبرًا أن الولايات المتحدة بحاجة ماسّة إلى إطار واضح للعملات المستقرة.
وخلال جلسة استماع أمام الكونغرس يوم الثلاثاء، صرّح باول بأن "من الإيجابي جدًا أن تتحرّك مشاريع القوانين قُدمًا"، مؤكّدًا أن سوق العملات المستقرة باتت في أمسّ الحاجة إلى تنظيم قانوني يضبط إصدارها وتداولها.
نحو قانون شامل لتنظيم العملات المستقرة
هذا التصريح يأتي في أعقاب موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع الماضي على مشروع قانون "GENIUS Act"، الذي يضع اللبنات الأولى لإطار قانوني خاص بالعملات المستقرة. وقد حظي هذا المشروع بدعم من الحزبين، ما يعزز فرص تمريره في مجلس النواب، وتوقيعه لاحقًا من الرئيس دونالد ترامب في حال الموافقة عليه.
وفي السياق ذاته، يدرس أعضاء مجلس النواب حاليًا مشروع قانون آخر تحت اسم "CLARITY Act"، يركّز على تنظيم بنية الأسواق الخاصة بالعملات الرقمية المشفّرة.
اقرأ أكثر: ما هو قانون CLARITY ولماذا يهم؟
تغيّر في موقف الفيدرالي تجاه البنوك والعملات الرقمية
وفي خطوة متزامنة مع هذه التطوّرات، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الإثنين أنه لن يأخذ بعد الآن "السمعة" أو ما يُعرف بالمخاطر الاعتبارية بعين الاعتبار عند تقييم أنشطة البنوك. وهي سابقة كانت تُستخدم سابقًا للضغط على البنوك التي تُبدي اهتمامًا بالعملات الرقمية.
وقال باول في هذا الصدد: "نحن نرى أن من حق البنوك أن تختار عملاءها، وهي حرّة في مزاولة أنشطة متعلّقة بالعملات الرقمية، بشرط الحفاظ على السلامة المالية وسلامة النظام المصرفي".
هذا التوجّه يُعدّ ردًا غير مباشر على انتقادات بعض المشرّعين من الحزب الجمهوري الذين فتحوا تحقيقات موسّعة حول ما سُمّي بـ"الإقصاء البنكي"، متّهمين إدارة بايدن بمنع أفراد وشركات من الوصول إلى النظام المالي بسبب ارتباطهم بقطاعات كصناعة العملات الرقمية.
وأضاف باول أنّ المجلس أدرك خلال عام 2024 حجم المشكلة، وبدأ يتعامل معها بجدية متزايدة خلال السنتين الأخيرتين.
وول ستريت تغيّر نبرتها
منذ إعادة انتخاب ترامب، بدأت بعض مؤسّسات المال التقليدية تعيد النظر في موقفها من العملات الرقمية. فحتى جيمي ديمون، المدير التنفيذي لـ JP Morgan المعروف بتشكّكه حيال بيتكوين، أقرّ الشهر الماضي بأن عملاءه باتوا قادرين على شراء بيتكوين BTC.
وتُذكّرنا هذه التحوّلات بتصريحات باول عام 2021 حين دعا إلى إخضاع العملات المستقرة لقواعد مماثلة لتلك التي تُطبَّق على الودائع المصرفية وصناديق الأسواق المالية، لاعتقاده أنها قد تصبح يومًا ما جزءًا أساسيًا من منظومة المدفوعات العالمية.
تغيّر النبرة... وتنامي النشاط
رغم مراقبة الفيدرالي الأمريكية للمجال الرقمي منذ سنوات، خاصة فيما يخص العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، إلا أن باول أشار إلى أنّ مؤسّسات وول ستريت شهدت مؤخرًا تغيّرًا ملحوظًا في مواقفها.
وقال: "أرى تغيرًا كبيرًا في النبرة، وهو يعكس تغيّرًا في التفكير والمكانة المتطورة لصناعة العملات الرقمية. وأتوقّع أن يشهد هذا المجال مزيدًا من النشاط مع مرور الوقت".
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
