شهدت الأسوق المالية و سوق العملات الرقمية تقلبات قوية يوم أمس في أعقاب تصريحات لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، أظهر فيها ترددًا و أكد على نهج "الانتظار والترقب" بشأن تخفيض أسعار الفائدة.
و جاء هذه التصريحات على رغم تزايد الضغوط التضخمية الناتجة عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
هذا التذبذب في الأسواق العالمية يعكس قلق المستثمرين الذين بدأوا يتساءلون: هل تأخّر الفيدرالي كثيرًا في التحرك؟ وهل يفقد السوق ثقته في قدرته على التصدي لأزمات قادمة؟
مخاوف أسواق العملات الرقمية تتجدد مع استمرار سياسة الانتظار
في كلمة له أمام نادي شيكاغو الاقتصادي، أكّد باول أن الفيدرالي في وضع جيد يسمح له بالانتظار حتى تتضح ملامح الاقتصاد الأميركي قبل اتخاذ أي خطوات جديدة في السياسة النقدية.
غير أن هذا التوجه لم يلقَ ارتياحًا لدى المستثمرين، حيث تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 2% مؤقتًا؛ وانهارت عملة البيتكوين BTC إلى ما دون 83,700 دولار، في ردّ فعل مباشر على تصريحات باول.
وبحسب خوان ليون (Juan Leon)، كبير محللي الاستثمار في "Bitwise"، فإن التكرار المستمر لعبارة "من المبكر الحكم" في خطابات باول بات يثير قلق الأسواق، وقد يتحوّل قريبًا إلى "فات الأوان على الإصلاح".
اقرأ و تعلم : كيف يعمل الفيدرالي الأمريكي؟
التضخم يرتفع... لكن الفيدرالي لا يتحرك
أوضح باول أن الرسوم الجمركية المفروضة من إدارة ترامب – والتي شملت خفضًا لـ"الرسوم المتبادلة" إلى 10% على معظم الدول – مرشحة لرفع التضخم مؤقتًا، وربما بشكل مستمر.
غير أن تأثيراتها الكاملة لا تزال غير واضحة، مما يعقّد من مهمة البنك المركزي في التوفيق بين هدفَي النمو والتوظيف من جهة، واستقرار الأسعار من جهة أخرى.
وأشار إلى أن الاقتصاد الأميركي لا يزال في وضع "صلب"، رغم تباطؤ النمو في الربع الأول من العام، مع تراجع ثقة المستهلكين والشركات نتيجة التقلبات في السياسة التجارية.
ويخشى المحللون أن تؤدي هذه السياسات إلى إضعاف مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية، وهو ما قد يحفّز تحوّلات في الأصول البديلة وعلى رأسها العملات الرقمية.
توقعات السوق: أربعة تخفيضات لأسعار الفائدة هذا العام

رغم أن صناع القرار في الفيدرالي الأميركي حدّدوا في مارس الماضي تخفيضَين مرتقبين لأسعار الفائدة في 2025، إلا أن العقود الآجلة للفائدة – وفق بيانات CME FedWatch – باتت تُسعّر الآن أربعة تخفيضات بحلول نهاية العام، أولها يُتوقع في يونيو المقبل.
وتعكس هذه الرهانات المتزايدة قناعة الأسواق بأن البنك المركزي سيضطر قريبًا للتدخّل بشكل أوسع لمواجهة تباطؤ النمو وتداعيات ارتفاع الأسعار.
اقرأ و تعلّم: ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية يهدد أسعار البيتكوين... لماذا و ما العلاقة بينهما؟
البيتكوين... من أصل مخاطِر إلى ملاذ محتمل؟
في حين لم يشر باول إلى البيتكوين تحديدًا؛ فإنه أبدى انفتاحًا على القطاع الرقمي قائلًا إن "العملات المستقرة قد تكون فكرة جيدة". لكنه شدّد في المقابل على أهمية حماية المستهلكين، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يشهد "تحولًا نحو التيار العام".
وفي هذا السياق، اعتبر ديلان باين (Dylan Bane)، المحلل لدى "Messari"، أن السياسة الحمائية التي يتّبعها ترامب قد تكون الشرارة التي تُعيد تعريف دور البيتكوين؛ موضحًا أن تقليص التجارة العالمية وإضعاف التعاون الدولي يهددان مكانة الدولار، وهو ما يدفع المتداولين نحو الأصول البديلة ذات الطابع اللامركزي.
اقرأ أيضا : البيتكوين يتفوق على وول ستريت: هل بدأ تراجع "الاستثنائية الأمريكية"؟
خلاصة: سياسة التريّث تُربك الأسواق
في ظل التعقيدات الجيوسياسية والضبابية الاقتصادية، يقف الفيدرالي أمام مفترق طرق. فالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير قد يُنقذ الاستقرار المالي مؤقتًا، لكنه قد يدفع المستثمرين إلى فقدان الثقة؛ كما قد يُعجّل بنقل الثقل المالي نحو أصول مثل البيتكوين، التي أصبحت مرآة لحالة القلق وعدم اليقين السائدة في الأسواق.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
