في ظل تقلبات الأسواق العالمية وتزايد التوترات الجيوسياسية، تجد عملة بيتكوين BTC نفسها أمام اختبار حاسم لمتانة زخم الصعود . فبعد أسابيع من التذبذب، نجحت العملة الرقمية في الحفاظ على مستوى 85,000 دولار، وهو حاجز نفسي وتقني بالغ الأهمية، غير أن التحدي الحقيقي لا يزال قائمًا: هل تتمكن بيتكوين من تجاوز عتبة 90,000 دولار لتأكيد تعافيها؟
بحسب بيانات منصة CryptoQuant، فإن البيئة السوقية لا تزال هشة رغم انتعاشة السعر.
وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة الخسائر غير المحققة في المعروض المتداول تبلغ حاليًا 24% فقط. وهي نسبة متدنية مقارنةً بما يحدث في فترات الانهيار الحاد.
ما يعكس أن السوق يشهد على الأرجح تصحيحًا أوليًا لا أكثر، وليس مرحلة استسلام واسعة النطاق.
هذا المعطى يكشف أن المتداولين لا يزالون يحتفظون بأصولهم، ما قد يعني بقاء بعض عوامل المخاطرة دون معالجة.
سوق البيتكوين لم يبلغ مرحلة الانهيار الكامل بعد
ماذا يعني ذلك؟
السوق لا يزال يحمل في طياته مخاطر غير ظاهرة بالكامل أو لم يتم "تصفيتها" من خلال دورة تصحيح قوية. كما يحدث عادةً في الانهيارات الكبرى.
لفهم هذا بشكل أوضح:
1. الخسائر غير المحققة (Unrealized Losses) منخفضة
عندما تكون نسبة الخسائر غير المحققة في السوق منخفضة (كما هو الحال الآن – 24%)، فهذا يعني أن معظم المتداولين لا يزالون يحتفظون بعملاتهم ولم يبيعوا بخسارة. هذا يُفهم غالبًا بأن السوق لم "يطهّر" نفسه بعد من الاستثمارات الزائدة أو الرافعة المالية الخطرة.
2. غياب "الاستسلام الكامل" (Capitulation)
في الانهيارات السوقية القوية، يقوم المتداولون ببيع أصولهم بخسائر ضخمة نتيجة الذعر، وهو ما يُعرف بمرحلة الاستسلام. هذه المرحلة تُعد غالبًا إشارة على أن السوق اقترب من القاع وأن المخاطر الكبرى قد زالت. لكن في هذا السياق، بما أن هذه المرحلة لم تحدث فعليًا، فهذا يعني أن عددًا من المتداولين الخطِرين أو المراكز الضعيفة لا يزالون داخل السوق.
3. النتيجة: هشاشة السوق
بما أن السوق لم يمر بكل مراحل التصحيح الطبيعي العميق، فهو لا يزال عرضة للانتكاس إذا تغيرت الظروف (مثل قرارات الفيدرالي، توترات جيوسياسية، أو تصحيحات في الأسواق التقليدية).
هذه "المخاطر المتبقية" قد تظهر فجأة وتدفع السعر إلى الهبوط مجددًا.
باختصار
يجب الحذر من التفاؤل الزائد، لأن السوق لم يُفرغ بعد كل طاقته السلبية أو يتخلص من كل العوامل التي قد تؤدي لانهيار جديد.
ومن ثم، فالثبات الحالي في سعر بيتكوين لا يُعتبر بالضرورة إشارة على تعافٍ مستدام ما لم تُعالج تلك العوامل أو تُصفّى بالكامل من السوق.
وإذا ما انعكس المزاج العام مجددًا نحو السلبية، فقد تتعرض الأسعار لمزيد من الضغوط، خاصة مع استمرار الغموض حول آفاق الاقتصاد العالمي والمشهد الجيوسياسي المتقلب.
اقرأ أيضا : عودة الرهان على سعر 100 ألف دولار: هل بدأت موجة صعود البيتكوين؟
تحوّلات الاقتصاد الكلي ترسم ملامح المسار القادم
مع تراجع معدلات التضخم وظهور علامات الضعف في سوق الأسهم الأمريكية. يتوقع عدد من المحللين أن تضطر الاحتياطي الفيدرالي في النهاية إلى خفض أسعار الفائدة لتفادي ركود أعمق.
إلا أن سرعة تطورات المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تؤخر أي تحوّل في السياسة النقدية. مما يضع الأسواق عامة والعملات الرقمية خصوصًا أمام مفترق طرق.
في ظل هذه المعطيات، يبقى تفاؤل السوق مشروطًا بتحسّن الظروف الكلية وتراجع حدة المخاطر العالمية. وإذا ما تضافرت العوامل التقنية الإيجابية مع مؤشرات اقتصادية داعمة، فقد نشهد بالفعل بداية مرحلة تعافٍ حقيقي.
أما في حال استمرار الضبابية، فإن بيتكوين قد تدخل في فترة تذبذب طويلة قبل استئناف أي مسار صعودي مستدام.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
