في خطوةٍ غير متوقعة لكنها باتت ضرورية، دخل جهاز المخابرات الأمريكي على خطّ مكافحة جرائم العملات الرقمية. فبعد سنوات من تزايد الشكاوى حول الاحتيال في هذا القطاع، يبدو أن السلطات الأمريكية قررت الانتقال من المراقبة إلى التدريب والتدخل العملي، ليس فقط داخل حدودها بل حتى خارجها.
منصة وهمية وصورة مزيفة... هكذا يبدأ الفخ
في تدريب نُظّم الشهر الماضي لصالح سلطات برمودا – التي تطمح أن تكون مركزًا عالميًا للعملات الرقمية – شارك المحلل الأمريكي "جيمي لام" قصة واقعية تُظهر مدى تطوّر هذه العمليات الإجرامية.
👈 اقرأ المزيد: الإعلانات الترويجية للعملات الرقمية في الوطن العربي.. احذر الاحتيال
القضية بدأت بتواصل ضحية مع حساب يحمل صورة لرجل وسيم (أو امرأة جذابة)، لكن الحقيقة كانت مختلفة كليًا: المحتال كان غالبًا مجرد "عجوز روسي" مختبئ خلف شاشة كمبيوتر!
تم خداع الضحية للاستثمار في منصة تداول غير موجودة، مع تشجيعه على الاستدانة لتحقيق أرباح سريعة. وما إن تم ضخ الأموال، حتى اختفت المنصة من الوجود.
لكن، كما يقول المحقّقون: "لكل أثر رقمي نهاية"، حيث تمكّن الفريق الأمريكي من تحديد هوية الجناة بفضل أدوات تحليل البلوكتشين المفتوحة المصدر، وحتى من خلال خطأ بسيط في استخدام الـ VPN كشف عنوان IP حقيقي.
👈 اقرأ المزيد: وحده "DYOR" يمكن أن يكون مساعدك المالي في عالم العملات المشفرة..كيف؟
مخابرات تتحوّل إلى خبراء بلوكتشين!
ليست هذه القضية معزولة، بل هي جزء من موجة واسعة من العمليات التي يديرها "مركز العمليات التحقيقية العالمي" التابع لجهاز المخابرات الأمريكي (GIOC). ووفقًا لتقارير مقربة، نجح المركز في مصادرة أكثر من 400 مليون دولار من الأصول الرقمية خلال السنوات العشر الأخيرة.
هذا الحضور الأميركي القوي في هذا المجال لا يقتصر على التدريب، بل يتضمن بناء شراكات مع منصات كبرى مثل بينانس وكوين بيس وتيثر، وذلك لتعقّب حركة الأموال المشبوهة فور دخولها عبر أي من هذه القنوات.
👈 اخترنا لك من أحدث مقالاتنا التعليمية: أفضل 3 منصات لشراء الأسهم في الوطن العربي
الاستفادة من التكنولوجيا تبدأ بالوعي
ويبدو أن الدول الأخرى بدأت تدرك أهمية التعاون الدولي وتعلّم أدوات التتبع الرقمي، وهو ما عبّر عنه حاكم برمودا، "أندرو موردوخ"، بقوله:
"التقنيات المالية مذهلة للنمو الاقتصادي، لكنها قد تُستغل بشكل سلبي، ولهذا نحتاج أدوات تحقيق قوية لوقف الانتهاكات."
ويضيف التصريح بعدًا مهمًا: أن تبني الابتكار لا يجب أن يعني غياب الرقابة، بل يستدعي تطوير أنظمة تحقيق قادرة على ملاحقة المحتالين عبر الحدود.
الاختبار الحقيقي قادم... هل تنجح المهمة؟
يبقى التحدي الأكبر اليوم هو قياس مدى تأثير هذه التدخلات في حماية المستخدمين. فخلال عام 2024 وحده، خسر الأمريكيون نحو 9.3 مليار دولار بسبب عمليات احتيال رقمية. من هنا، فإن تطوير كفاءات الأجهزة الأمنية سيكون بلا شك عاملاً حاسمًا في تقليل هذه الخسائر خلال السنوات القادمة.
👈 اخترنا لك من أحدث مقالاتنا التعليمية: 7 علامات صعود السوق التي تحتاج إلى معرفتها
ولعلّ التجربة الأمريكية تقدم نموذجًا لدول المنطقة العربية لتطوير منظوماتها الأمنية الرقمية، بما يضمن التوازن بين احتضان الاقتصاد الرقمي ومكافحة الجرائم المالية العابرة للقارات.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
