وضعت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معيارًا في تبني التقنيات المتقدمة واستغلالها في دفع عجلة التحول الاقتصادي. ويبرز هذا التوجه بوضوح في مجال تقنيات الويب 3، حيث أدركت المنطقة مبكرًا إمكاناتها ووفرت الموارد اللازمة لهذه المشاريع لتتوسع وتنجح على المستويين الإقليمي والعالمي.
الشرق الأوسط في قلب التحول الرقمي: استثمارات طموحة ورؤية مستقبلية لريادة التكنولوجيا
في جميع أنحاء المنطقة، هناك تطورات مثيرة حيث تدمج الدول التكنولوجيا في خططها التنموية وتركز على تعزيز الوضوح التنظيمي لدعم النمو المسؤول. ليس من المستغرب أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الآن مركزًا عالميًا رئيسيًا للنشاط التكنولوجي والاقتصادي في القطاعات الناشئة مثل الويب 3 والذكاء الاصطناعي (AI). تُعد أبوظبي، دبي، قطر، والمملكة العربية السعودية من أبرز الدول التي تميزت بحجم طموحاتها وجاذبيتها للجهات الدولية البارزة.
لا يمكن التقليل من شأن تأثير الشبكة الذي توفره الاقتصادات التكنولوجية سريعة التطور في المنطقة، إلى جانب الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعلها حلقة وصل عالمية رئيسية.
وفي هذا السياق، استضافت Outlier Ventures برنامجها الافتتاحي FutureSpark Base Camp في الرياض. مدفوعةً بمبادرة رؤية 2030، نجحت المملكة العربية السعودية في بناء نظام بيئي مزدهر للشركات الناشئة، واستثمرت بشكل كبير في التقنيات الناشئة، كما وضعت سياسات تهدف إلى جذب المواهب العالمية وتعزيز ريادة الأعمال.
قدم FutureSpark Base Camp الأول دعمه لعدة فرق من دول مختلفة، من بينها المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، الإمارات العربية المتحدة، البرتغال، وجزر مارشال. يعمل المؤسسون على تطوير تقنيات متقدمة في مجالات الألعاب، الذكاء الاصطناعي (AI)، حلول الدفع، الأصول الحقيقية (RWA)، والهوية الرقمية، مما يساهم في تعزيز منظومة الويب 3 في المنطقة ودفع عجلة التطور التكنولوجي في المملكة ضمن إطار رؤية 2030.
كما أننا فخورون بكوننا عضوًا مؤسسًا في تحالف الويب 3 السعودي (WASA)، وهي مبادرة حديثة تجمع بين القادة البارزين في تقنية البلوكتشين والابتكار الرقمي بهدف تعزيز تبني تقنيات الويب 3 في المملكة.
ريادة الأعمال في المنطقة: ازدهار مدعوم بالتشريعات الحديثة والاستثمار الحكومي
يشهد النظام البيئي للشركات الناشئة في الشرق الأوسط زخمًا متزايدًا بفضل المبادرات المدعومة من الحكومات، والأطر التنظيمية التقدمية، وتنامي الوصول إلى رأس المال الاستثماري (المغامر). وقد أسهم التركيز الاستراتيجي للمنطقة على دعم ريادة الأعمال وتوسيع نطاقها في خلق بيئة خصبة للشركات الناشئة في مختلف الصناعات. كما بات المؤسسون يستفيدون من الوصول إلى بنية تحتية متطورة، وحوافز مالية، وتعاونات دولية، مما يجعل المنطقة وجهة رئيسية للابتكار.
أصبح الذكاء الاصطناعي اتجاهًا رئيسيًا يشكل مسار المنطقة. أعلنت الحكومة السعودية مؤخرًا عن مبادرة بقيمة 100 مليار دولار لتصبح لاعبًا رئيسيًا في هذا القطاع، في حين تمتلك الإمارات استراتيجية الذكاء الاصطناعي الوطنية 2031، التي تهدف إلى جعل الدولة رائدة عالميًا في هذا المجال. سيسهم هذا الدعم المالي والتنظيمي لتطوير الذكاء الاصطناعي في فتح مصادر جديدة للإيرادات وتعزيز القدرة التنافسية الدولية للمنطقة.
اتجاه آخر يستحق المتابعة هو تكامل الذكاء الاصطناعي مع البلوكتشين وإنترنت الأشياء (IoT). تكمل هذه التقنيات بعضها البعض، مما يتيح الأتمتة والشفافية والكفاءة على نطاق واسع. تعمل تقنية دفتر الأستاذ الموزع، عند دمجها مع الذكاء الاصطناعي، على فتح آفاق جديدة للأنظمة اللامركزية، بينما توفر شبكات البيانات المعتمدة على إنترنت الأشياء مدخلات مهمة للتحليلات المتقدمة ونماذج التعلم الآلي.
التحول نحو "اقتصاد النوايا"
يشكل تقارب تقنيات الذكاء الاصطناعي والويب 3 أيضًا مستقبل الإنترنت وهو المحور الأساسي لأطروحتنا حول ما بعد الويب (Post Web)، حيث يتم الانتقال من "اقتصاد الانتباه" إلى "اقتصاد النية". مع تحول نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) إلى واجهات أمامية بديهية، يمكن للشبكات الوكيلية تنفيذ عمليات خلفية معقدة على السلسلة عبر البنى المعمارية القائمة على النوايا.
يعد هذا التطور بتفكيك النماذج التجارية التقليدية، مما يمهد الطريق لإنترنت وكيل محسن لتلبية احتياجات الإنسان وتعظيم خلق القيمة. في جوهر ما بعد الويب (Post Web)، توجد دورة تشغيل ذاتية تعمل بثلاث تقنيات مترابطة: الطبقة الوكيلية (Agentic Layer)، تقنية دفتر الأستاذ الموزع (DLT) بما في ذلك الأصول الحقيقية (RWA)، والشبكات اللامركزية للبنية التحتية المادية (DePIN).
الاستثمارات الدولية والتركيز على الاقتصاد الرقمي: مستقبل مستدام قائم على التكنولوجيا
من المهم أيضًا مراعاة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تواصل جذب الاهتمام العالمي كمركز صاعد للتكنولوجيا المتقدمة والشركات الناشئة. يستقطب النهج الاستباقي للمنطقة في تعزيز بيئة أعمال ملائمة، مدعومًا بسياسات ومبادرات مستقبلية، المستثمرين الدوليين والشركات العالمية.
تؤكد الفعاليات البارزة مثل LEAP، Token2049، أسبوع أبوظبي المالي، قمة الويب قطر، GITEX والمناطق التقنية المصممة خصيصًا، التزام المنطقة بتعزيز الشراكات. ولهذا السبب، ستستمر الأسواق في هذه المنطقة في استقطاب الاستثمارات الدولية واتفاقيات التعاون التي ستدفع اقتصادها الرقمي.
المنطقة متقدمة بالفعل على العديد من الاتجاهات العالمية. تسلط الاستثمارات الاستراتيجية في المدن الذكية، والبنية التحتية للطاقة المتجددة، والتصنيع المتقدم الضوء على طموح المنطقة في بناء اقتصادات مستدامة قائمة على التكنولوجيا. تخلق هذه المبادرات النظام البيئي المثالي لتوسيع نطاق الحلول وبنائها لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
الشرق الأوسط في موقع مثالي لقيادة التقنيات التحويلية. إن الدعم القوي لريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى جانب التبني السريع للذكاء الاصطناعي، يدفعان نحو تغييرات جذرية عبر مختلف الصناعات. أرى أن الشرق الأوسط سيصبح موطنًا للشركات الناشئة، حيث توجد سياسات معدة مسبقًا، وموارد، وفرص استثمارية تتيح للشركات التوسع من الصفر.
رؤية حكومات المنطقة، إلى جانب دعم القطاع الخاص، تهدف إلى توفير السياسات والموارد والاستثمارات وفرص السوق لتمكين الشركات من التوسع من الصفر.
إخلاء مسؤولية
جميع المعلومات المنشورة على موقعنا الإلكتروني تم عرضها على أساس حسن النية ولأغراض المعلومات العامة فقط. لذا، فأي إجراء أو تصرف أو قرار يقوم به القارئ وفقاً لهذه المعلومات يتحمل مسؤوليته وتوابعه بشكل فردي حصراً ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن هذه القرارات.
